الأربعاء، 1 يوليو 2009

يد مغلولة وعين لاترى

نقرأ ان الصورة اسبق من الكلمة / والصوت اسبق من الصورة . الفن فائض قيمة , والصورة فائض فكرة
قوة الصورة ليس فى رؤيتها بل فى حضورها / واللوحة الجيدة تعلّمنا كيف ننسى الكلام او كما قال جلال الدين الرومى :
فلاْضربن الحرف بالصوت
والكلم
حتى استطيع الحديث معك
بدون الوسائل الثلاث
...... نحن عادة لانرى اى غير مبصرين كما ينبغى ، لاْننا نستخدم اعيننا كوسيلة بيولوجية فحسب ، ونغفل وظائفها الجمالية الاخرى ، وظيفتها كأداة شاهدة على الرؤيا بل وخالقة لها ... مثلا ، وهكذا تكون العين فى عصور الانحطاط فقيرة الانجاز ، بينما تتصل اليد بتاريخ من الاهانة والاستخفاف ، يدُ مغلولة ، وعين لاترى . وحتى تسترد اليد قيمتها بوصفها تأخذ وتعطى وتبدع ، وحتى تصير العين خالقة واليد مفكرة ، يبقى الفن فى وطننا العربى مستهلكا وتابعا ،بينما يبقى الفنان مثله كمثل الانسان العربى يمارس بالكاد حقوقه الطبيعية فى الاكل والتنفس والتزاوج ، امّا حقوقه الاخرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية فهى غائبة وترف قد لايطاله ، ناهيك عن حقوقه الابداعية .

الجمعة، 22 مايو 2009

( هل نأكل الطعام ام يأكلنا الطعام ) / كل هذا الفقر كل هذا الغنى ، كل هذا الشبع كل هذا الجوع

السبت 16/ 5 عرض الفكرة

symposium

لانأخذ كلمة سمبوزيم بمعنى حلقة بحث ، او معنى يدل على مؤتمر لفرع من فروع العلم والفن ، وانما الذى يُلائمنا فى هذه الورشة / فى هذه الجلسة هو الاخذ بالمعنى الحرفى للكلمة اليونانية القديمة والتى تعنى فيما تعنيه ( ان نجلس معا وننتشى ) . نتجاذب اطراف الحديث حول موضوعات تخص الفن والحياة ، نفتّش فى العلاقات المتداخلة مابين الفن وفن الطهو بوصفه فنا للذوق وقانونا للمعدة وتأويلا للغريزة منذ اكتشاف النار للمرة الاولى ، وحتى انتظام الظاهرة الغذائية فى منظورها الدينى الذى يربط الجسد بالمقدس احيانا يكون الغذاء متخيلا مثل الوليمة السماوية من المن والسلوى ، واحيانا اخرى يكون عجائبيا مثل اكسير الحياة ، اويُحّمل الغذاء دلالات رمزية وروحية حيث يصبح ( اللوغوس ) كلمة الله وغذاء الارواح السماوية ، فى الاديان هناك تحليل لمأكول وتحريم لآخر ، فى الاسلام مثلا يتحدّدالتحليل والتحريم نسبة الى طرائق الذبح التزكية بين ( ماأهل لله به وما أهل لغير الله به )، وهكذا وحين يتم ارساء منظومة الطعام ومحرماته على قاعدة من التأويل الدينى او الميثولوجى او الاخلاقى ويتم افتراض ترتيبات معينة او تصنيفات معيارية تميز بين المباح والمحرم بين المندوب والمكروه ، يعنى ذلك ارساء لهوية الجماعة وتصوراتها عن الكون وعن الكائنات الواقعية والمتخيلة وعلاقة الانسان بها . المسيح والحواريون و المائدة ، السيدة مريم والنخلة ، و فى سورة محمد ( مثل الجنة التى وعد المتقون فيها انهار من ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى ). شراب اهل الجنة ( يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك ) وشراب اهل النار ( لايذوقون فيها بردا ولا شرابا الاّ حميما وغساقا ) . تُخبرنا الانتروبولوجيا البشرية ان القدماء اعتقدوا بانّ صفات المأكول تتحول الى الآكل منه ، و فى ايامنا هذه/ الموت تخمة يقابله الموت جوعا / مع انه لكل البشر حق ا لارتواء والشبع والمتعة ، فن الطهو والفن بينهما علاقات قديمة قدم التاريخ على جدران الكهوف وفى المعابد الفرعونية والآشورية ، الى عتبة القو ل ا لشائع الطعام غذاء الجسد والفن غذاء الروح والى ان صار الطعام والفن موضوع استهلاك ، مرورا باقتراح ليفى شتراوس للمثلث الطبيعى كنموذج ينتقل فيه الشىء النىء ، اماّ تقافيا الى ناضج ومطبوخ ، وامّا طبيعيا الى فاسد ومتخمّر . العلاقة السحرية بين الآكل والمأكول والراسم والمرسوم / آكلو البطاطس لفان جوغ / والعشاء الاخير لدافنشى / وتورتة الكرز لبونار ...... الخ . ونتذكر ماكتبه غوته عن طعم الالوان المذاق القلوى للازرق والمذاق الحمضى للاصفر .... الخ . اطراقة خفيفة مع نصف اغماضة للعينين / برهة من زمن / شهيق زفير / ثم اتخاذ وضع ملائم للتهيؤ ، امام المساحة البيضاء المنبسطة مع تركيز البصر تجاه كومة الخامات المعدة سلفا / شحذ الحواس وتنشيط مدار الذاكرة /و ( التخلية قبل التحلية ) .

اولا / المقادير:

قصاصات ورق متنوعة / كمية مناسبة من الغراء ورق مقوى او سلوتكس مقاسات مختلفة علبة الوان اكريلك وعدد من اصابع الباستيل عبوات سبراى مختلف الالوان وزجاجة ماء واخرى تنر وزجاجات حبر صغيرة

ثانيا/ الطريقة :

توضع المساحة البيضاء من الورق المقوى او السلوتكس افقيا على الارض تغطى المساحة بحساسية الاكثر كثافة والاقل كثافة بالغراء الابيض وكذلك يتم توزيع قصاصات الورق كيفما أُتفق بنفس الحساسية / الاقل والاكثر / الاخف والاثقل /الاعلى والاسفل / اليمين اليسار / المركز والهامش / مع الميل نحو اطلاق غريزة اللعب من عقالها ، ومحاولة احداث خلل فى التراتب النمطى للتكوينات ، وتوليد العلاقات الاحتمالية مابين الجزء والكل . ثم يتم بخّ الاسبراى بعد رجّه جيدا على الحواف المتعرّجة لقصاصات الورق الممزق عشوائيا المأخوذ من المجلات ورسومات الفنان القديمة والتى تمّ لصقها فوق المساحة البيضاء مما يصنع مايُشبه المنظور غائر / بارز / بعيد / قريب / ومن الممكن معالجة المناطق الثقيلة الداكنة بالمرور عليها باصابع الباستيل بطريقة تهشيرية كذلك المرور بالفرشاةالمغموسة فى الماء او الحبر المخفف او التنر بخفة الالوان المائية فوق طبقات الباستيل ويتمّ الابتعاد بين الفينة والاخرى لاْكتشاف المشهد الكلى اللحظات تمر غير ان زمن اللوحة يساوى صفر .

ثالثا/ انظر واقترب :

كل فن فيه شىء من الطهو وليس كل طهو فيه شىء من الفن ربما اشترك الاثنان الفن والطبخ فى ثلاث :

التوقيت / وضبط المقادير / والنفس

______________________________________________

عمر جهان / omarjhan / و رشة ( سوا ) تاون هاوس / 16 / 23 / 30 مايو 2009

_____________________

symposium
(هل نأكل الطعام أم يأكلنا الطعام ) امل دنقل

كل هذا الفقر ، كل هذا الغنى / كل هذا الشبع ، كل هذا الجوع

_______________________________

سمبوزيم ليس بمعنى حلقة بحث ، اواستحضار المعنى الدال على مؤتمر لفرع من فروع العلم والفن . وانما يُلائمنا فى هذه الجلسة فى هذه الورشة ، اخذ الكلمة اليونانية القديمة بمعناها الحرفى والذى يعنى ( ان نجلس معا وننتشى ) نتحدّث فى جلستنا من خلال التجربة الشخصية للفنان عن علاقة الفن بالطعام من عتبة القول الشائع الطعام غذاء الجسد والفن غذاء الروح الى ان صار الفن والطعام موضوع استهلاك . كذلك يمكن الحديث عن القواسم المشتركة بين الفنون ، ومحاولة الاقتراب من الاجابة عن السؤال مااللوحة ؟ مالصورة ؟ وحيث انّه ( لايمكن الانخراط فى الرسم الا بالرسم ) نخصّص وقتا كافيا لممارسة بعض التقنيات مثل الكولاج وانتى كولاج والكشط على اسطح ورقية جاهزة . مع عرض بروجكتور لبعض اعمال الفنان مختارة من معارضه المختلفة

ونحاول معا ان نتعلّم كيف نشعر بأننا نحيا فى اى شىء خارجى/ وفى اشيائنا التى نكون قد صنعناها بايدينا وعواطفنا وافكارنا.

_____________________

عمر جهان

omar jhan

ورشة ( سوا ) تاون هاوس _ القاهرة16 / 23 / 30 مايو 2009

الثلاثاء، 28 أبريل 2009

الخصوصية

اين تكمن هذه الخصوصية ؟ اظن انها هناك فى القصى والبعيد والمتغير ، فهى بالنسبة لى ليست تكرارا لموتيفات بعينها ، او طريقة معينة لصنع بناء اللوحة والوانها وملامسها ، او استخدام خامات دون غيرها ، هى محاولة دائمة للافلات مما هو نمطى وسائد ومتكرر ، هل نستطيع القول انّها الافلات من الذات دونما تحقق ، اى ان الفنان يحاول الافلات المستحيل وفى كل محاولة من تلك المحاولات الفاشلة تبرز سمة ما تندّ عن امكانية تجاوزها ، يفشل الفنان فى الافلات منها، تلك السمة المستعصية هى الخصوصية ، عليك ان تصطادها، ان استطعت ، وهى ليست عبارة عن معطى جاهز ، بل تكمن فيما لم يتحقق بعد . لذلك تجدنى فى حالة ظعان ابدى رغم اقامتى ، فاانا المقيم المسافر ، واقامتى عين ترحالى ، انتقل فى اللوحة من سفر الى سفر ، ومن لون الى لون ، ومن تيه الى تيه .
وانت ياصديقى الشاعر بتعبير ، وتن ستاين ، ( اذا فهمت جملة فانّ هذا يعنى انك قد فهمت لغة ، واذا فهمت لغة فذلك يعنى انك اصبحت خبيرا فى التكنيك ) . امّا انا فربما ينطبق على ماكتبه ، هرمان ملفيل ، ( انا الصيّاد الذى لاوطن له ، والتى اقصدها _ اعنى خصوصيتى _ ماتزال تطير امامى وانا سأتبعها، مع أنّها قادتنى الى ماوراء الجبال عبر بحار بلا شموس داخل الليل والموت) .
وبيننا / انا وانت / يوجد ذلك الشىء المعلّق كسيف (ديموقليس ) ذلك الشىء المعلّق بتلك الشعرة الدقيقة الفاصلة مابين الحب والكره ، الجمال والقبح ، الوعى واللاوعى ،البديهة والروية . انه الفن ..... سلاح ذو حدين يمنح الانسان الحق والخير والجمال ، ولكنه عندما يقع فى ايد غير مسؤولة يمكن ان يتحوّل الى معول هدم ، فيسلب الانسان العاقل انسانيته ، ويحوّله الى حيوان ذى قدمين .
على الفنان الحق اذن ان يمشى يوميا على مايُشبه الصراط . لم يبق غيرنا ياصديقى فاصرخ مابدا لك الصراخ / لم يبق امامنا سوى النسيان فتذكر ماوسعتك الذكرى . انهم هنا ... وهناك أولئك الادعياء الغامضون الواضحون ، عراة كما ولدتهم امهاتهم ، اولئك الضحايا الذين يعانقون ويمجدون جلاديهم فرحين بالنياشين ، والانواط ، والالقاب ، والزيف .
يالهم من فهود خيالية تتقافز ككرات نار عبر فضاء رمادى ،
يالهم من ديناصورات عمياء تطلق للغسق المترامى عويلها الاخير .
من رسالة قديمة ، من حوارسابق ، مع صديق شاعر

الجمعة، 17 أبريل 2009

شذرات

1 _ قطوف 2008

2 _ اقنعة 1996

3 _ آربيسك 1975

الخميس، 5 مارس 2009

تعلّمت من دراسة الفلسفة ,ان ّ بومة منيرفا لاتأخذ فى الطيران الاّ عند الغسق , اى ان الحكمة تظهر فى اوقات الشدة والازمات . تعلّمت من دراسة الأنثروبولوجى احترام عادات الآخرين وطرائقهم فى الحياة وتعبيرهم عن انفسهم . تعلّمت من الدين اننى لم اخلق عبثا . تعلّمت من الفن / ان اكون أنا هو أنا . مذ كنت مطويا نفسى على نفسى كاليرقة المنطفئة أو كاحتمال الجمرة المتّقدة ألمع فى رحم الكلف الشمسى , وخلايا الضوء المخبوء أرفّ خلال ورد الروح المبتل , وزغب طيور الماء كنتُ أُفتش عن خصوصيتى ... ( من حوار سابق ) ____________________________________________________________________ الوعود التى كنتُ أعيشها فى طفولتى ، هى ذاتى الأُخرى الغامضة، تمنحنى الشكل ، وتهبنى الدلالة والرمز ، وتمدُّ لى خيط ( اريان ) لكى يخرجنى من المتاهه . متاهة تلك الايام التى عشتها ، وتلك التى لم اعشها ، وتلك التى اتعلّق باطراف ثوبها كما الطفل ،ثم تجدنى كالقابض على هواء ، يكفينى منها ويسعدنى ، أننى ضممتُ قبضتى الصغيرة. ___________________________________________________________________ ( عالم الصمت ) _________ الفنان والمتلقى ليسا كيانا واحدا؛ هما كيانان مختلفان فى اشياء كثيرة ومتفقان فى قواسم مشتركة عديدة ؛من هنا تبرز أهمية النقد بحثا وتنقيبا عن امكانات النص المرئى الظاهرة والباطنة ..... وبالرغم من وجود من لايعول على دور النقد والناقد بالقدر الكافى ؛ نظل فى احتياج دائم لقراءات متنوعة للنص التشكيلى ؛ كذلك تظل النصوص القديمة _ اللوحات القديمة محتاجة للتحليل والنقد ؛ حتى وان استوفت الدراسات جوانبها المتشعبة ؛ وفضّت المناهج النقدية ألغازها الغامضة الملتبسة ؛ بل تظل وباستمرار محتاجة عبر كل فترة زمنية لقراءات جديدة وتفكيك دائم ؛ واستكناه لاينضب . مهمة صعبة ومركّبة ؛ ومما يزيد المهمة صعوبة وتركيبا وتفاقما ضمن اطار الثقافة التشكيلية ( العربية ) : (1) غياب تراث نقدى متشعّب يستند عليه الناقد فرزا و تحليلا ونقدا . (2) الافتقار لوجود فلسفة جمالية تشكلية للابداع . التجربة الفنية لاتعطى نفسها بسهولة ويسر ؛ على الفنان ان يعى ذلك جيدا ؛ وعلى المتلقى ان يتحمّل نفس العبء. مالذى تصنعه الابرة فى جبل من الصوان . ................. وهكذا وسط ثقافة مهمّشة / لمجتمع مهمّش / انا فنان هامشى يزاول مهنة هامشية . ( من حوار سابق ) ___________________________________________________________________ اللوحة __ اللوحة تتجاوز الشعارات السياسية؛ وتختلف عن النص الادبى ؛ وتتميز عن الواقع ... انها تبدأ كسديم ثم تتوالد تفصيلاتها ... لاوجود للوحة كاملة غير منقوصة فى ذهن او مخيلة الفنان كما انها لاتتجسّد دفعة واحدة ... اللوحة ليست مقدسة بل هى عملية تحويلية .. عملية شاقة وممتعة ؛ قوامها جماع حواس الفنان وتراسلها ؛ متمازجة مع تجربتة الثقافية وخبرته الحياتية . من حوار سابق ____________________________________________________________________ الطبيعة _______ ليست الطبيعة محض معادلة حسابية ؛ اوقضية منطقية؛ وهى بالتأكيد ليست صندوق قمامة . مالطبيعة اذن ؟ هل هى حقل مغناطيسى وقوة سحرية غامضة تمنح الانسان الطاقة ؛هل هى كتاب كونى يضم قوانين الشكل والمحتوى ؟ . الطبيعة كما قال سيزان ( عمق اكثر مما هى سطح ) تلك الطبيعة المتحررة من سطوة النمط والنموذج والمفاهيم الاصطلاحية ؛ اصبحت منذ سيزان طبيعة وحسب وكفّت على ان تكون انطباعاواسقاطا نفسيا من الفنان على الشجر والمدر على الرمل والبحر ؛ الطبيعة هذه الحاضرة الغائبة او بلغة هيدجر تلك التى ( تحب التخفى ) .لايكتفى الفنان بالنظرة العابرة الى مرئياتها بوصفها مجرّد اضواء او الوان ؛ الفنان هنا لايحولها الى رمز كبير ولايبحث داخلها عن رموز متناثرة . هذا الفنان لايسعى الى التوحد مع الطبيعة ؛ كما انه لايبتغى اسقاط افراحه واتراحه على مفرداتها وعناصرها ؛ وهو عندما ينحّى مجمل الاستخدامات الرمزية يحاول فى نفس الوقت نسيان الدرس المدرسى _ لاند سكيب landscape أو فن المنظر مثله فى ذلك كمثل كاندنيسكى عندما قال ( انّ حبه للطبيعة ازداد تأججا منذ ان كفّ عن محاكاتها ) هكذا تتحرر اللوحة عند فنانى الحداثة من الواقع العيانى فلا تظهره ولاتحجبه ولاتومىء الى وجوده . والفنان حين يتبنى هذه الرؤية لاينظر الى الطبيعة بعين الايد يولوجيا ؛ لكن نظرته تمتدّ الى ماهو ابعد من نظرة المستلب المغترب ؛وتلتحم بما هو اقرب الى نظرة الناقد الرائى . تذوب ثنائية الثقافة والطبيعة ؛ وتزول الفواصل فى الفيزياء الجديدة بين الحى وغير الحى .طبيعة خالية من السمترية مشحونة بالابتكار والتنوع . كأنى بتلك الايام الخوالى ؛ والصبى الذى كنته هائم على وجهه خلف تلك الاجنحة الملوّنة ؛ حيث تختزل العلاقة بالوطن والحب والطبيعة فى صورة ذلك الصبى الصيّاد الهائم المتوحّد والمنفصل فى آن مع ضحاياه المحلّقة . اسرار تسرى عبر الفصول الاربعة خريفا/ شتاء / ربيعا / صيفا ؛اتذكر ومض البرق/ هدير الرعد / انهمار المطر فجأة / وانبثاق اشعة الشمس من خلال السحب الداكنة/ قوس قزح والوان الطيف المتلالئة على صفحة الغدران المتغضّنة اشجار الزيتون والنخيل وزهور ابو قرعون الحمراء وزهرات الفلية الصفراء الصغيرة ؛ اثر الاقدام فوق التراب المعشّق بقطرات المطر ؛اتذكر انعكاس اشعة الشمس على صخر الصوان ؛ وسراب ايام الصيف القائظ ؛ كل شىء تغلّفه الطبيعة حفلات الاعراس المبهجة ؛ واصوات النواح الآتية من بعيد ؛ لغة الطير ؛ والكتابات البونيقية فى مزدة ؛ تماثيل صبراتة ولبدة ؛عباءات البشر الليبيين المملوءة با الهواء والذكريات ؛ كل شىء تغلّفه الطبيعة البحر والرمل والاغتراب والاختطاف والدهشة وشهوة التغيير الجامحة الاعتراف والصبر والخيبة الظفر والانتصار والخسران كل شىء تغلّفه الطبيعة ؛ طبيعة لاهى صامتة ولا هى حية ولاهى بين _ بين ؛ كما لو أنك تجرى لاهثا فى الحلم ؛ او تسقط من شاهق لا بل كما تشمّ قرنفلة لم تُقطف بعد / هكذا تغمس اصابعك العشرة خلال كثافة لون صاف جارح شفّاف / تترك ما تراه الى مالا تراه / فما الذى يتبقى لديك من الطبيعة. اوراق قديمة ___________________________________________________________________ ماالشجرة ___________؟ هل مالانراه فى الشجرة هو ذلك الشىء الوحيد المرئى ؛ ذلك السريان المتبدى عبر النمو المستمر المستتر ؛ ونحن اذ نلمس بأناملنا ؛ ونرى بأم اعيننا هيئة الشجرة الجدع الغصون الاوراق النضرة حجم الثمرة خشونة اللحاء كثافة الاْلوان تفتح الزهور . لانلمس ولانرى فى حقيقة الامر سوى ذلك السريان المدرك المنفلت من بين الاصابع ؛ وتلك الاطياف المارقة أمام المقل . أهى بذرة منسية حقا ؛ ثم عروق منتشرة فى مشاش الارض ؛ جدع راسخ ؛ وساق يطاول السماء ؛ غصون وارفة عبر الفراغ ؛ براعم / الوان / ملامس أو عصارات وألياف وتمثيل ضوئى ؛ خلايا واختمار ؛ ام شكل وبنية وفورم ثم شبكة من التفصيلات اللا متناهية . ماالثابت وماالمتغير فيما نسميه شجرة ؟ الظاهر ام الباطن ؟ الداخل ام الخارج ؟ الشكل ام الدلالة ؟ الرمز ام الواقع ؟ هل هى شجرة يغدراسل ( yggdrasile ) كما جاءت فى آساطير الشمال تلك التى تجمع الجنة والجحيم / الارض والسماء ومابينهما . او شجرة أتأب ( Botree ) شجرة التين التى جلس تحتها بوذا الاْكبر الى ان بلغ ما اراد من حكمة ومعرفة ؛ او شجرة اليقطين التى اكل منها النبى يونس واستظل بظلها ؛ اهى الشجرة العادية التى نفتح نوافذنا كل صباح كى نرى سمتها ربما شجرة برتقال رمان حناء او شجرة لبلاب لاتزول لها خضرة ؛ عمتنا النخلة ؛اوتلك الشجرة التى تتنهّد بالعصافير ؛ او ( زيتونة لاشرقية ولاغربية ) بوصف القرآن ؛اوشجرة ( طوبى ) المباركة المزروعة فى رياض الجنة ؛ لعلّها شجرة آدم وحواء ( ونادهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ) صدق الله العظيم . شجرة الميلاد ام شجرة القيامة. شجرة الطبيعة الاولى ؛ ام شجرة الطبيعة الثانية ؟ شجرة الرب ؛ ام شجرة موندريان ؟ ام تلك الشجرة التى تقفز لى من حكايات الجدة لتلقى الرعب فى قلبى _ الطفل كلما وصلت الحكاية الى ذروتها الدراماتيكية ؛وقد كنت مع بداية كل عام هجرى جديد استرق السمع ؛ وافتح عينين مفزوعتين خوفا من هبوب الرياح قبل نهاية اليوم الموعود ؛ لانّ عصف الرياح يتسبب فى سقوط اوراق الشجرة المكتوب فوق سطح كل ورقة منها اسم انسان ما من اسماء البشر جميعا منذ بدء الخليقة وحتى يرث الله الارض ومن عليها ؛فاذا ما سقطت ورقة موشوم على نسيجها اسم ما ؛ يكون صاحب الاسم فى عداد الاموات ... هكذا قيل وهكذا تتلاشى الاعمار المعلّقة بالورقة الواهية ؛ حدث ذلك مرة ؛ وماحدث مرة فى زمان ما ومكان ما _ كما تقول الآساطير _ سيحدث مرة اخرى . أهى شجرة المعرفة والعقل اذن ؛ شجرة الرحم او شجرة الخيال ؛ شجرة البصر ام البصيرة ؛ شجرة الحواس ام شجرة الفكر ؛ ام شجرة الانساب . ما معناها من حيث الوظيفة ؛ مامعناها من حيث الايتومولوجيا . كيف افهمها / كيف اراها / كيف ارسمها ؟ هل كل شجرة يقابلها رسم ؛ وكل رسم له اسم ؛ وكل اسم على مسمى ؟ أشجرة الزقوم هى ام شجرة الخلد ؟ أشجرة الحياة ام شجرة الفن . اوراق قديمة 86

الأربعاء، 4 مارس 2009

محاكاة ________
كل فن يبدأ من( الممزيس mimesisـــــ المحاكاة ) رسمتُ وجها لانسان يتثاءب ؛ كنتُ فى العاشرة من عمرى تقريبا ؛ فرحت ُ بما صنعت يداى ؛ وهرولت نحو امى يرحمها الله ؛ وعرضتُ أمام ناظريها ( رسمتى تلك ) حدّقت فى الوجه المرسوم برهة من زمن ؛ ثم وضعت يدها قدام وجهها وتثاءبت. ( الاعمال الفنية لاتؤثر الا ّ فى النفوس المهيأة لتقبلها) ؛ تذكّرت هذه الحكاية عندما عرفت ان الفن ليس حرفة وصنعة ؛ ولكنه عدوى وتأثير ؛ ليس مجرّد تعبير وايحاء ؛ وانما حلم ورؤيا . ( من حوار سابق ) ____________________________________________________________________

الاثنين، 23 فبراير 2009

الاقنعة

الأقنعـة 96عمر جهان / Masks 96 Omar Jhan > The Ciro Atelier الاقنعة او الاطاحة بالزمن (علّمه كلمات بالغة القدم , بحيث يحرق ترديدها الشفاه , وسكب فيه ضياء مجيدا لاتطيقه عيون الفانين , تلك علّة القناع) بورخس
ــــــــــــــــــــــ طروس متراكمة بالغة القدم , يشفّ كل طرس فيها عمّا تحته , كتابة غامضة ناقصة ومضلّلة ايضا لاتصلح لشرح واضح او تفسير واف , وقد تعجز عن مطاولة الرمز والتأويل بل رسومات متفرّقة لاتمنح الانسان ما يأمل فيه ويشتهيه فهى لاتكفى لاشباع نهمه المتزايد لارتداء الاقنعة / اقنعة النفس / والعقل / والجسد . كما انّها ليست بهجته وسعادته الغامرة / ليست ذعره ويأسه وألمه الدفين . ان هى الاّ اشارة لما يفتقر اليه ذلك المجهول المتغلغل فى اعماقه ومغامرة لرأب الصدع الذى ألمّ بوحدته ـ ان هى الاّ ثلاثة وشوم زرقاء باهتة , ماثلة بالتوازى فوق جلد قناع قديم ,لم يعثر عليه أحد بعد وشم 1 ربما يتراءى فيما هو ابعد من الاثارة والمهارة وآحاييل الصنعة يخرج وحيدا سافر الوجه جامح الرؤية وقبل ان يكتنفه صمت عزلته يغطى سطح القناع بسناج يسح من مصباح شحم السمك ويكشط بد هنيهة بالمخرز او السكين فتسطع خطوط غائرة دقيقة ومضيئة كذلك وربما بلا معنى يهتز مثل بندول يظلّ يتراوح مابين الماورائى واليومى / المقدس وا للا مقدس / . او يسعى نحو محايثة خالصة تفضى الى قناع ناصع الالوان يحمى من تعاسة لاريب فيها وكشىء غامض يجعل الذات تفلت من اسار ذاتها ساخرة من كل لون , وملمس , ونأمه ويظل النور يتقاطع مع ظلّه المجوّف كيما تضوع رائحة خشب الصنوبر المدهون بالدهن , لحاء شجرة الكافور وكأنّها سنديانة ( يغدراسل ) دالة الارض والسماء ومدلولهما . مامن شىء يجدّد متن القناع بعد رحلة الاثر الاركيولوجية المضنية سوى تلك الحالة التى تندّ عن الوصف وتجمع فى لحظة بين خلق واختلاق / استرابة الحواف فيها هى عين اليقين / وسبر الغور منها هو الاحتمال بعينه . <<>> لا المساحيق الملوّنة والسوائل المقدسة الخرز / الودع / الوبر / القش / الريش / الحبال / الصخور / الفلزّات / المعادن المسنونة / ولا الاصابع المبصرة , عندما تمرق برشاقة سنونو خرقاء تخاتل منحنيات الشواهد والاشارات تاركة وراءها ظلّة تدور اينما دار قرص الشمس , وبرجسة مخبوءة تحت تضاريس الارض, لا الجاذبية ولا الحنان ولا نشوةاللذة البكرتكفى للشهود وليس اتقان الحرفة ليضفى ولو بريقا شاحبا او يصون قناعا قدّ من شبق الطبيعة ولو برهة من زمن , فأنّى للا تقان ان يحفظ للآ تى شكلّه الزئبقى الروّاغ الاّ اذا كان الاحتكاك بالخامة الغفل قادرا على استيعاب ما ورائية المشهد ( والجليل المتوحّد فى كمال جماله ) منشودا منذ بدء الايقاع وحتى الخفوت الاخير ولكن هيهات فصوت الايقاع وصمت الخفوت يستحيل الامساك بهما او تحديد مسارهما الملغز. على الخيال حينئذ ان يكون شاسعا وشرسا لكى لايفقد التزاوج الحيوى شفرته المحجّبة وعلى اليد ان تكون مشروطة بخبرتها حتى لاتفقد تلك الشفرة ولعها المجنون بالانفلات من دائرة السفور . …….. لم لاتفنى النقائض وتدوب الثنائيات وهذا التزاوج المذهل الذى يفترع نسيج القناع , يرتق الفجوات المستتره مابين ضرورة وحرية / طبيعة وصنعة / غريزة وادراك / فراغ وامتلاء / لم لا يجترح فىكل مرة اعادة القراءة لتجليات الاقنعة باستمرار والى مالانهاية دافعا بالاضواء والالوان والملامس والابنية دفعة واحدة وذلك لتحقيق مايمكن تسميته (التجسيد المادى للرؤية ) هكذا تنفرط الاسئلة بانفراط الاخيلة ,,,, ما الذىيتسنى لفنان وقف دون تداخل مرايا الماء والنار غير عابىء بتجاوز الانشطار الحادث مع كل مرحلة من مراحل العمل الملتبس بروح الطواطم والاسلاف المعجون بكثافة الخامة الخاثرة الممسوس بخفة الدهشة الاْولى ,مذ كان الكل للكل وكان الفن قبل ان يصير محض تقنيات وآساليب لفنانين فرادى منفصلين عن ذواتهم استجابة نوعية تنفذ من حجب المعطى الدنيوى الجاهز .!!! كيف لهذا الفنان ان يبتكر قناعه الخاص ؟ وكيف يصنع ذلك القناع المأمول سرده المتنامى ومجازه المتفرّد وبلاغته الجديدة ؟ كيف يتجاوز عصور انحطاط / الخيال فيها مضمحل / والحضور منعدم / اليد مغلولة والعين لاترى . مامن سرّ يتجانس على لوح مشهده سوى متعة صافية / انبعاث لاواع للذكريات / إيقاظ بدهى للغريزة / تفكيك وتركيب / نظم غير مسبوق للرموز والعلامات والاشياء . ما من سمت سواه ينهدم مكتظا بالازدواجية والجور والخداع والخيبة , فياله من قناع مايفتأ يلمّ شذراته المتناثرة بطول الارض وعرضها ثم يبعثرها ثانية باتساع الاوقيانوس ... أرومته الوحيدةالساحرة كلّما توحّد مع نفسه أنه حمّال أوجه أنه بلا شكل ثابت مجرّد كشط عميق وتغطية مصمتة .... امّا اذا انقسمت الذات على نفسها وتشظت سيرتها المكنونة اثناء اكتشافها لما هو متغلغل فى قابليتها البشرية الخيّرة ـــ الشريرة , وتحلّلت ذراتها كالترياق الى حالتها الثالثة جزءا وكلا فالقناع آنئذ غربة وجنّة/ محو وتعرية للدوارس والطوامس / تخلية خالصة / ونسيان تام ( بعض متفرّد من كل لامتناه ) . لنجرّب إذن حالة اخرى ندع فيها القناع يسفر عن وجهه الاصيل الهجين , ولنترك مايأتى به الغيب القادم يضرب مع ( سنجور ) التوم ـ توم القديم الطيب . <<>> لن تجد ما تبحث عنه ضمن الطبائع القديمة وانواع الهوس الرباعى لدى إ فلاطون وبين ثنايا الرسائل الموسوعية لاخوان الصفا وعند كليّات يونغ ذات الكيفيات الاربع : الفكر / الحدس / الشعور / الاحساس . وفى كيمياء التراب الاْحمر , الصلصال الاْبيض , الفحم النباتى , وحتى بين وظائف القناع التقليدية الثلاث :التخفى / التحوّل / التخويف . اذا لم تكن قد وجدت ماتبحث عنه من قبل عند بؤرة الوظيفة الرابعة الثابتة فى تاريخ الاْقنعة ( الوظيفة الجمالية) . سواء أكان ذلك بالنسبة لاْقنعة العينين او كما تسمى ( رأس الذئب ) او اقنعة ( الكاجول ) ذاك الذى يغطى العنق منسدلا على الكتفين اوالقناع الشامل الذى يستر الجسد كلّه بالوشم والتزيين والحلى من قمة الرأس حتى أخمص القدم , سواء أكان القناع تجريدا او تشخيصا / متحركا او ساكنا / متناهى الصغر يمكن للمرء ان يعلّقه بطرف خنصره / او متناهى الكبر يمكن ان يمثّل جزءا ضخما من هيكل راسخ / مهما كان تصنيفه وفق اعضاء البدن / او حسب الخامة المستخدمة: حشا ئش ذرة الياف نخيل قماش مقوّىخشب جلود مدبوغة او من ذهب خالص و احجار كريمة / ومهما تعددت الانواع تارة رامزة تنتمى للسلف واخرى حاكمة تعاقب وتثيب وغيرها شارحة تختص بعقيدة التابو الموت والحياة مهرجانات العيد والحب والحصاد / سواء أكان القناع منفردا او مزدوجا ينتسب لقبائل (الدجون ) ساكنى الجبال او ( البامارا ) قاطنى السهل المكشوف , متبديا فى صورة حيوان او حشرة امرأة او رجل , مركبا كقناع ( باصق النار ) او بسيطا جميلا كقناع ( باشام ) . <<>> لااحد يعرف بالتحديد كيف ظلّت واقعية القناع بامتداد حالاتها أفقيا ورأسيا بعيدة كل البعد عن النسخ والمحاكاة المباشرة والانعكاس المرأوىوميكانيكية الاعادة ظلّت واقعية الخلق والابتكار لا واقعية النقل والاجترار ؟؟؟ وكيف تبلّورت الطبيعة الاستاطيقية بوصفها الركن الركين الذى يشكّل القناع ـ الكائن كظاهرة نفسية اجتماعية اسطورية تلك الطبيعة المسماة جمالية مهما تحوّرت وتحوّلت . أيقونة تاريخ تستقر فى رحم الاسطورة او اختراق ابداعى لتلك الدائرة الجهنمية المحكمة هى بذاتها فى كلتا الحالتين لااحد يعلم لماذا لم يطمسها الزمن وظلّت تلك الغامضة روحا مبدعة تعيد للقناع اكسير الحياة مرات ومرات . وشم 11 الفن القديم على حد تعبير ( مورونجى ) ليس للبصر فحسب ولكنه للاْذن ولحاسة اللمس وللحواس الاخرى كافة على حد سواءلاْنّ العين لاتبصر فقط بل تخلق وتبتكر والقناع بوصفه جذرا فنيا ينتفى داخله التعارض بين الفاعل والمفعول النفعى والابداعى الواحد والكثير المرئى واللا مرئى . ان لعبة المفارقة مابين الاحالةالى الشىء وإخفائه فى آن , هى اساس الوضع الانسانى الشامل الذى يفترض دائما وضعا جسديا للقناع , لافرق هنا بين اى شىء مهمل والاْثر الفنى ....هكذا كما جاء فى نص تحليلى حديث : ( بصدد اعقد قناع او بصدد ابسط قطعة خشب ما من شىء الاّلغرض فجميع التفاصيل اللون او الرسم او المادة كلها ذات معنى رمح الراعى الذى له اثنتان وعشرون حلقة نحاسية مثل انواع الاشياء الاثنى و العشرين , فأس الضحية تمثّل شمسا تخرج من الضحية نوافير دم كالاشعّة , كفن الاموات شبيه بالواجهة العالية لمنزل الاسرة الملىء بالاحياء , والحقول المحروثة الملاّى بالبذور , قباقيب الخشب , مقاعد النساء , آلات الحائك , هى الزوارق التى ستنقذ الناس من طوفان المياه فى المستقبل , هذه السلّة تمثّل نظام العمل , وتلك السلّة الاخرى هى اعمال الاله الخالق . على الحذاء يرسم هبوط نظام الاشياء الجديد من السماء الى الارض . ) <<>> هناك سعى للتماهى بين ما هو نفعى و ما هو فنى بواسطة إحداث تغيير فى طبيعة كل منهما ...,والتفرقة بين مقولتي الكونتو والكينتو مثلما ورد في لغة إفريقية قديمة لا يشير إلى ازدواجية بالمعنى المتعارف عليه,الكونتو أي الكيف,حاملة الاختلاف والتمايز والتباين,والكينتو أي الكم تمثل الأشياء المادية والأدوات.والقناع بوصفه قوة مبدعة تمنح الحياة خصوبة ومذاقاً خاصاً وتنفي عنها الرتابة والتماثل والتشيؤ فهو أقرب إلى مقولة الكونتو بل ربما هو الكونتو نفسه ومن الثابت تاريخياً أن الإنسان يمتلك ملكات ثلاث :الذاكرة ـ محتوى التاريخ / والمخّيلة ـ مبدعة الفنون/ والعقل ـ منتج الفلسفة والفكر . واذا كان المبدأ الجمالى ثابتا فى تاريخ الاقنعة , فالقناع يعد من الثوابت الرئيسية فى تاريخ الحضارات , ولئن خلت بعض هذه الحضارات من اداة ضرورية او اكثر كالعجلة والحربة والقوس فإنّه ما من حضارة الاّ وعرفت القناع . تاريخ من التبتّل والتضرّع قريبا من جسد الطبيعة . تاريخ من التمرّد والمروق والاختراق بعيدا عن ذائقة مستقرة والقناع بينهما محتاج لحوشية اللون وروحانية الخط وفزيائية الفراغ , احتياج الانسان البدائى للطوطم هل كان الانسان الاْفريقى القديم الذى رأى الطبيعة حقلا مغناطيسيا يستمد منه القوة وليست عبارة عن معادلة رياضية باردة او مجرّد صندوق قمامة , هل كان يعرف ان ّالقناع سافر محتجب / حاضر غائب / معروف مجهول / ناقص ولكنه كامل / معتم لكنه يشفّ عمّا تحته من اضداد / اسود يشفّ عن ابيض وابيض يشفّ عن اسود أطياف تتداخل وعجلة لاتكفّ عن الدوران . <<>> لقد ساد إبّان القرن التاسع عشر ذلك الافتراض الخاطىء القائل بانّنا ندخل الحضارة بقدر ما نتخلّى عن القناع فتقلّصت الوظائف المتعددة وانكمشت بسبب ذلك الافتراض وغيره الى وظيفة مسرحية درامية واحدة كوميد ية او تراجيدية ووصمت الاقنعة تبعا لذلك الفهم الضيق بالبدائية والهمجية والحنين الرومانسى للماضى الناتج عن افلاس ثقافى حتى الفن باعتباره قوة خارقة للطبيعة (مانا سحرية ) لم يصمد طويلا فتهاوت ركائز الاقنعة امام زيف الا فتراضات ولم يفلح زواج الطواطم رمز الحيويه والانوثه , بالاسلاف رمز الفحولة والعلم بالاسرار حتى الحذق والبراعة لم يسعفا جماعة ( الجورو ) القاطنة منطقة ( الزنولو ) بساحل العاج فكفّت عن ممارسة طقوسها الا بداعية فى صناعة الاقنعة وهى الجماعة الوحيدة تقريبا التى لخّصت كيانها الوجودى كلّه داخل تلك الصناعة الجميلة الغامضة . اقنعة تنجب اقنعة , وخبرة تنتج خبرة حتى الوصول الى ذرى المزيج المتفاعل بين التكنيك والخرافة . وبالرغم من ذلك فشلت فى منع الفروض العمياء عن ممارسة لعبة التناسل التاريخية, وجاءها وقت تيبّست فيه أطراف الاصابع الخلاّقه وجفّت عنده ينابيع الاقنعة السبعة , نخر السوس الخشب أنطمس اللون وفتّــت الوقت النسيج , ولم يبق أمام الجوريون غير نزع كنانة ا لثمرات وإزاحة الشوك والحصى وحبيبات الرمل محاولين تأجيل اللحظة الخؤون التى ينتهى فيها رنين قطع النحاس الصدئة المدلاة وتتحجّر فيها القواقع الفضية الملقاة هناك بعضها مبعثر وبعضها مدفون فى رمال شواطىء مهجورة لم يطأها خيال بشر ,وبينما كانت الفروض العمياء تمعن فى لعبتها المتواترة , جرّ الجوريون اقنعتهم ودفنوا اجسادها الخلاّبة البديعة فى احتفال مهيب اهالوا عليها التراب وسط جبّانة موحشة يحرسها حرّاس اشداء يمنعون إقتراب اى انسىّ او جنّى من تخومها الاّرضية التى تطاول سما وات الفن . كان لابدّ من نهاية لكى يتساءل المرء فيما بعد هل حقا مات القناع ؟ وارث اهتزاز المادة الاولى , مرآة الطبيعة المشعّة وليها المدلهم غطا ؤها المسدل ووجهها السافر الساطع ذلك الذى لايخفى شيئا سوى لعبته المضادة الاثيرةفى تحطيم الوحدة العضوية الزائفة بين الممكن والواقع وفتح القوس عن لآخره بين الممكن والمستحيل . ( ان الاضواء البعيدة التى وصلت الينا كما قال ـ ايلوار ـ لها نفس الاضواء التى نريد ان نلقيها على المستقبل ) . هكذا تواترت الاستلهامات الخلاّقة استلهامات السورياليين والتكعيبيين والوحشيين من ( دوبوفى ) الى ( بيكاسو) مرورا بـ ( ديران ) و ( ماتيس ) وذات مرة فسّر بيكاسو تأثير الاقنعة الافريقية على اسلوبه الفنى بقوله (الاقنعة إنّها ليست كسائر المنحوتات كلاّ إنّها اشياء سحرية , والزنوج انهم ضد كل شىء ضد ارواح مجهولة متوعّدة , كنت انظر الى التماثيل وفهمت انا ايضا اعتقد ان الكل مجهول والكل عدو الكل لا التفاصيل , النساء , الاطفال , الحيوانات , التبغ , اللعب , ...الكل ) . <<>> ثمة تعويذة سحرية تعيد للقناع تكثيف طاقته الساحرة وليس ثمة تعويذة اخرى غير انعتاق الذات من احاديتها . القناع يرتدى اهابه الزاهى متسربلا بالحرية والتجدّد القناع ضدّ القناع لاّنّه يرفض الاذعان لقالب جامد ولو كان قناعا القناع لايعلو على الجسد ولايهبط دون سدرة الروح هو مراوحة مزاجها فوضى الالوان وبخاصة الاصفر الشمسى , والاحمر الدموى , والابيض الجيرى , والاخضر القتوم . مراوحة قلبها العنف والوداعة , مزيج من الاثم والبراءة , تعدّد صور الموت والحياة , حركة متوالدة تهزّ عناصره التشكيلية , صفة وموصوفا : الصفة / حنين لاعج للكشف والموصوف / مغرّة قرمزية داكنة وهما معا يحملان فى احشائهما بذرة الحياة , ومنجل الردى يؤلفان بين الصدفة والصيرورة قوسهما المشدود الماء <<< النار >>> التراب وشم111 يمتزج الفنان والمادة , يصيران كلا واحدا عظما ولحما ودما ويصير النحت والمنحوت والنحّات صورة شفّافة للبشرى فى اوسع مداه , ساعتها يبرز الفن كما تقول اسطورة قديمة لحظة انبثاق شبح الموت حاصدا ارواح البشر اولئك الذين كانوا خالدين , وكانت الاشكال عندئذ تنعم بأبدية لاتحتاج معها الى تعبير او تقليد كانت فى غنى عن الرمز والاستعارة والاحالة وحيث ان شبح الموت جعل كل شىء الى زوال فقد احتاجت الحياة الى من يعينها على البقاء والاستمرار ولم يكن ليتم ّ لها ذلك الا بالفن الذى ابتكره الانسان لكى يجعل حياته وان لم تخلد , اكثر بهجة واعمق معنى و أبلغ دلالة / بل ابتكر قناع الفن استجابة لرغبة انطولوجية خاصة تدفعه وتضعه فى مواجهة المستحيل لكى يرى مالا’يرى <<>> لايبتغى ذلك الانسان القديم من ابتكاراته ان تكون مجرّد حوامل للقوى فحسب بل ان تتحول هى نفسها الى اشارات تدل على تلك القوانين والمبادىء المتحكّمة بحركة القوى الصادرة عن الايقاع منشىء الاشياء جميعا : فكل ايقاع له قناع وكل قناع لديه غلاف لقناع آخر وهكذا فيض من التدفق والتأويل , اقنعة محيّرة حقا فهى ليست انماطاً او مفاهيم او افعالا او فلسفات , هى حيوات شهود وجودهامتحرّك وبراءتها ماكرة قناعها صنو ايقاعها بيد أنه لايوجد ثمة ايقاع محدّد هنا يمكن تكراره بسهولة و العلاقة التى طرفاها قناع وايقاع علاقة ملغّزة , لاْنّ الايقاع بنية متعدّدة الملامس والروائح والاصوات ولاْنّ القناع عندما يقابل مقولة ـ ما لبرانش ( انّ الحقيقة ليست فى حواسنا بل فى فكرنا ) ببدهية قوامها ( فى البدء كان الايقاع ) يكون قد تمّ له التجاوز ايضا لمقولة ـ غوته ـ على لسان ـ فاوست ـ ( ان الفعل بداية الوجود ) <<>> القناع ما ستر الوجه , والمقّنع الذى على رأسه بيضة الحديد (هذا فى القواميس) امّا فى التجربة الابداعية فلا وجود لآصرة من رحم بين المعاجم والاقنعة كما انّه لاوجود لأيّة مزقة من حجاب بين القناع والوجه كذلك فالسمة الغالبة دائما هى انتفاء العلاقة ذات الجانب الاحادى : كأنْ يكون الداخل قناعا والخارج وجها او العكس , او يكون احدهما ظاهرا مائتا والآخر باطنا خالدا , شفرة لسانهما المفارقة والتناقض . لاتوحّد لهما / لاانفصام بينهما / لا إزاحة لاحدهما الوجه يحزن والقناع هو الحزن الوجه يفرح والقناع هو الفرح الوجه مهما شف عن ملامح الرهافة فيه فهو تجسّد والقناع مهما غلظ وتجسّد فهو فضاء ايهما السلبى وايهما الايجابى ايهما السرّى وايهما العلنى ايهما الظل وايهما النور ايهما الانا وايهما الأنت كل منهما يحجب الآخر مفسحا مجالا جديدا او رحما ملائما تتخلّق فيه حقيقة مجهولة . ليس القناع صورة شخصية لانسان خائف , او انسان يموت , ولكنه الخوف والحرب والموت نفسه . وليس الوجه سوى ذلك الانسان الصائر الى الفناء كأ نّ الاول بلغة المتصوّفة حد النفس وكأنّ الثانى حد الجسم . اتصالهما انفصال وانفصالهما اتصال الوجه قناع والقناع حجاب والحجاب كشف . <<>> لاحضور بعدئذ لتجليات اخرى,قد تتخذ اشكالا تشبه الوجه المقنّع او تمثل القناع السافر , لاغياب ولا تواجد لغير الصيرورة , لاوجود الاّ للغامض المتناقض الكثيف المصنوع الصلب الهش الزاخر بالوعود , الداعى بالحاح كى يرتدى كل منّا قناعه الذى يختاره بمحض ارادته .... فلا يفزعنا ان يرتدى أشباهنا أقنعة متعدّدة ولكن مايلقى الروع فى نفوسنا حقا هو رؤيتنا لتلك الاقنعة وهى تتفنّن فى ارتداء ملامح الوجوه الصلدة الفانية . أيها القناع الميّت الحى انت فى مأمن منّى ومنك الآن , فاخرج من بهائك وقبحك , واكشف عن الجدير بك , وتعال أيها الوجه الحقيقى صاحب الغيبة , والغربة , والتقية , أيها القناع الصافى حامل الطرز واشكال الهيولى , يامن أطحت بالزمن الرتيب الزائف الاْجوف .كأنّى ( بجلال الدين الرومى ) يشهد اطيافك وكأنّى بك تسمعه يدنّدن’: ( يامن كنت تحرق الروح من اجل الجسد؛انك أحرقت الروح وبها اضأت الجسد). _______________________________________________________ عمر جهان ا لقاهرة 1996 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ yaggdrasil يغدراسل : شجرة دردار تزعم الاساطير الاسكند نافيه ان جذورها واغصانها تصل الى مابين الارض والجنّة والجحيم ... المورد . الطرس : الصحيفة (ج ) طروس (القناع ماستر الوجه , والمقنّع الذى على رأسه بيضة الحديد )... المعجم الوسيط .

الوطن

( فى روح كل انسان منقوش بورتريه منمنم للوطن ) ولكن اى وطن بالتأكيد هو ذلك الوطن / الجسد المكانى الحى وذلك الفضاء / براح التحقق الانسانى العادل , وطن لم تعد لم تعد تكفيه الاغنيات والتغزل فى محاسنه التاريخية او حتى الرصد التشكيلى لتضاريسيه الظاهرة والباطنة . مايتطلبه الوطن ليس اقل من قطع المسافة الفاصلة مابين الوطن ـ الواقع والوطن ـ الحلم .ذلك الوطن الذى هو ازهى ازدهارات الطبيعة بتعبير هيدجر يصبح اضيق من عين ابرة صد ئة اذا ما تعرض المرء فيه للعسف والقمع والمهانة احيانا يموت الوطن عبر المدن والصحارى المترامية و تدب فى اوصاله الحياة داخل زنزانة صغيرة مو صدة .من منّا لم يعذبه الغياب ويحرقه الاشتياق لمعانقة المجهول اذا استعرنا تلك الجملة الغامضة الجميلة لادوار الخراط فى صخور السماء (الفقد ان شرط للوجدان , نعم لكنه يظل بلا عوض ) فى شهر يناير 76 هبطت مصر واقمت فى حجرة بسيطة فوق سطح احدى البنايات القديمة بمنطقة الدقى وبعدها بفترة طويلة من السنوات العجاف كتبتُ فى بامفلت معرضى ( بورتريه الحجرة ) مستحضرا ( فساد الامكنة ) و ( الزمن الموحش ) ومستلهما العودة الى الذات العودة الى البيت : لم تكن الحجرة ـــ اللوحة قناعا لحجرة اخرى فى اللاوعى , او كهفا نفسيا غامضا , كما انها ليست شيئا ماديا ملقى هناك , او احالة لتجربة سياسية ضيقة , لم تكن رمزا للوطن , بل كانت وطنا للحلم . واذكر انه كان محفورا فوق بابها الخشبى المتآكل ماحفظته الذاكرة من نص ليبى قديم ورد فى رواية العشاق التعساء لامبتياس ( انا لن اعود الى الوطن الذى نفيتُ منه , فلاْقل وداعا لكل العواطف , لكل الخيول وعرباتها ولسباق الحواجز , وداعا للسلفيوم وحزمه واوراقه وعصيره العجيب) ................................. ( من حوار سابق )
لوبيّات ــــــــــــــــــــــ مدار الذاكرة ـــــــــــــــــــــ (فى الامكان ابدع مما كان ) ــــــــــــــــــــــــــ لماذا اتذكر هذا الاسم القديم ( لوبيا )؟ قد تكون محاولة يائسة لوداع الاشياء المنفلتة من صندوق الذاكرة, وربما محاولة لاحتضان هذا القديــم ومنحه القدرة كى يبتسم ويعيش فى بيئات اخرى متجدّدة , وقبل ذلك وبعده محاولة للخوض فى تجربة المنسى والمندثر والغائب وايقاظه وبعته من مرقده,لينهض مثل العنقاء من رماد بقاياه مرة اخرى ,هكذا تكون علاقة الفن بالذاكرة , علاقة حياة متجدّده او كما قيل ( ان مثل الشعر من الحياة كمثل النار من الخشب , انّ الواحد منها ليصدر عن الآخر , ولكنّه يحوّر تفاصيله ويغيّر كنهه ) . امّا هذه الاعمال فهى تأويل ثان لكهفيات الحبر والشمع / وبورتريه الحجرة , والاقنعة , بوصفها ثلاث محاولات مفتوحة ومغامرة واحدة للسفر بعيدا , سعيا دؤوبا لاكتشاف نواظم الذاكرة بصريا وحسيا وفكريا , وتقصّى أثر الزمن المنقضى , وما الذى تمتلكه اللوحة من أثر هذا الزمن التأمّلى وذاك الزمن الكامن ؟ وما الذى يمتلكه الفنان من تلك الهوة السحيقة التى تفصل المرء عمّا يشتهيه ؟ اجابات واسئلة لاتحصى ولاتعد تشير الى نجاح هنا ونجاح هناك , كما تشير فى الاْغلب الاعم الى الخسران والفشل وهى مع ذلك تختزل حتى فى ذروة فشلها وخسرانها , تجربة تكنيكية مهمّة بالنسبة للفنان وهى بنفس الدرجة تمثّل اختراقا ضروريا لذلك المستوى من التكنيك , فالفنان بالطبع لايخلق فنه فقط , بل يستخد مه ايضا فى عملية الابداع, قد تصبح ( لوبيّات ) فيما بعداشارة الى سيرة ذاتية مقترحة , لعلاقة الفنان با لآخرالاليف والآخر الضد , وقد تصير كذلك حكايات متداخلة للسرد المتقطّع عبر نهايات الفصول الاربعة, من عتبة الى عتبة, طلوعا من حلم هبوطا فى حلم, خروجا من مرآة دخولا فى مرآة . ( لوبيّات ) هى محاولة الافلات دونما جدوى , دائما هناك سمة ما كامنة , لايمكن الافلات منها بل هى المفارقة والصدفة , او ربما كانت مجرّد مراوحات مابين التجريد والتشخيص / بين البديهة والروية / بين البشر والطبيعة / او مجرّد رغبة عارمة فى الثرثرة حول حدس الظواهر وحدس الاعماق . ( لوبيّات ) ولع بالتذكر, ولع بالنسيان . او كما قال ادونيس شعرا: ( سمّ الصحراء كتاب, البحر , وسمّ الهاء الباء , ضاعت خارطة الاْ شياء وهاهى تختلط الاسماء ). لاآماكن , لااوقات , لامسافات , ولانباتات , لابراعم غضة طرية , ولااشواك . زهور بوقرعون الحمراء, ورود الفلية الصفراء , نوّار الفول , التين وحبّات الزيتون الغنانى فى احراش الخروبة , البلح البكرارى , جمّار النخل العالى , الحمادة تلك الصخور المسنونة كأنّها شظايا من نار , نبات الغسول ذو اللون , الاخضر المكسو بالتراب , لكنّ طراوة اوراقه وملمسها الناعم , يجعلانك تكره ارتداء الاحذية بى ميل للارض والحصى , الطوابى ـ احصنة من طين , صوت آلة المقرونةالصادح , رائحة جيرالحيطان المعشّق بقطرات مياه المطر , مرباط ـ شاطىء بكر بلاسفائن , افق مشرع على نهايات الابيض المتوسط , حجرة طولها إثنا عشر مترا , وعرضها خمسة امتار , باب بخوخه , زيت القنديل المعلّق فى صنوّر السقف , القاطر ـ ايقاع متواتر يتماهى خلال قصص السيرة , جذع شجرة متحجّرة ينتصب شاهدا , ومطلا على مسرب ترابى يفضى الى جامع البدوى , ويحكى تاريخ عمارته الفطرية الاخّادة قسمات الوجوه الصغيرة البريئة, وصوت القارئى الاجش يرتّل قصار السور , كل هذه التداعيات مشكاوات لاتفارق مدار الذاكرة وان فارقته. ( 1 ) لم يكن السقف عاليا بدرجة تكفى لقتل قافز , لكن الجدى الابيض الذى سٌمّى باسمى , وتربّى معى بضع سنين مات فى الحال بعد قفزة مفاجئة غير محسوبة العواقب , اذكر لكم حزنت عليه , و اتذكر باستغراب فرحة الاْهل التى لم افهمها آنذاك , لقد اعتقدوا بأنّ الجدى ـ كما قيل لى بعد ذلك ـ اخذ اسمى وصفاتى , وبالتالى كان موته بديلا عن موتى مات الجدى فداء لى ......... لم يبق من القصةالاّ ما حّيرطفولتى ... هذا الاعتقاد الطوطمى وشذرة من سؤال لم قفز الجدى الابيض الوديع , ولم لم يستطع الطيران , وقد كنت ارسمه دائما بجناحين كبيرين . ( 2 ) حبل غليظ يٌسمّى ( إرشى ) رٌبط بين نخلتين باسقتين , يبعدان عن بعضهما البعض قرابة الخمسة امتار وبالقرب منهماهيكل ذو جناحين لساقية قديمة , طٌليا الجناحان بجير ابيض يميل الى الزرقة, فيما رسمت الرطوبة وهبوب الرياح , خرائط ممتلئة بالتهشيرات المائل لونها الى الاصفر الاوكر , واحيانا تتراءى الوان متأكسدة , الحبل المرتخىعند الوسط مٌرّر من تحت وسادة صغيرة , اٌْعدت لجلوس الصبى , وبتشجيع من اخوتى الكبار وابناء عمومتى , قبضت انا الصبى باصابعى على الحبل , وتشبّت بكامل قواى الواهنة حتى لا يطّوح بى الهواء بعيدا , كنت خائفا , وخٌيّل الى انا والحبل والوسادة قد صرنا شيئا واحدا , وعندما ازدّاد الارتفاع ارتفاعا , رأيت شواشى النخيل وتغيّر المشهد مرات ومرات / شكل جناحى الساقية / انضغطت قامات اخوتى / ورأيت البقرةالواقفة باطمئنان وكأنّها اٌلصقت بالارض . علو شاهق وحركة بندولية لاتهدأ أورثانى خوفا وشعورا مفزعا , بالخطر والحذر . يداى قابضتان على الحبل الخشن , وصمتى راسخ لايؤثر فيه تهليل الصغار , ولاالكبار , انا الريشة فى مهب الريح , وكان لابدّ ان تظهر تلك الريشة التى كنتها مقاومة ما, امّا بقع الدم المتجلّط فوق الكفين الصغيرين والتى أبصرتها بعدما لامست قدماى حافة الارض , فربما كانت ثمن الشجاعة التى لابدّ ان يظهرها ذلك الصبى ,فى تلك السن المبكّّّرة من العمر . ( 3 ) فى تلك الحجرة التى طولها إثنا عشر مترا , وعرضها خمسة امتار كنّا صغارا نرهف السمع ونطيل النظر , وتبدو لنا الاشياء كما ندركها لا كما نعرفها , وخالتى ( رقيّه) يرحمها الله تحكى لنا سيرة تنتهى دونها الاعمار تقلّب البصر, فى ارجاء الحجرة وتحكى ,أثناء تغريبة الهلالى وذهابه من مصر الى تونس مارا بليبيا شخص له غول ضخم واخذ يتبعه كظله , يراقب حركاته وسكناته, اذا قام ابو زيد قام الغول , واذا جلس ابو زيد جلس الغول , اذا وقف ... وقف , واذا نام ....نام , وهكذا لم يعد ابوزيد الهلالى يطق صبرا , الى ان اهتدى الى فكرة ومضت فى ذهنه فجأة فأخذ يلفّ جسده بالياف النخل , ويعقد الاطراف بعقدة تٌسّمى ( الخرته) , عقدة سهلة الحل,غطّى جسده بأكمله , وهكذا فعل الغول بنفسه , لكن عندما اشعل ابو زيد النار فى جسده وشاهد الغول يصنع مثلما صنع. تحرّر من الالياف المشتعلة بسرعة , بينما احترق الغول , لانّ العقدة التى استخدمها , كانت تسمى ( الطرشة ) وهى عقدة صعبة ومستحيلة الحل , الاّ بسيف الاسكندر , و هيهات . ( 4 ) كان اخى الكبير مغرما بتربية الكلاب , ويحب ان يسميها باسماء من عنده , اطلق على كلب منها اسم ( سلامه ) وعلى وليفته اسم ( مسكه ) . سلامه لونه بٌنى ضارب للحمرة , ومسكة سوداء بلا شية . كنت العب مع جرائهما محاولا اقتناص التكوين والحركة والشبه فى كراسة الرسم , كان اخى يتضايق وينهرنى عندما افشل فى اصطياد ملامحهما الواقعية , وكان يطلب منّى ان ارسمهما المرة تلو المرة , والعجيب انه لم يلتفت الى رسوماتى تلك الاّ بعد حادثة الغرق . اذ كنّا بمنتصف احد الاصياف على شاطىء ( مرباط ) الشاطىء الخالى من السفائن , ورماله النائية التى ربما لم تطأها قدم انسان قط , إنشغلنا برهة من زمن فغاب سلامة عن انظارنا ثم تبعته وليفته مسكة , وطواهما الموج المتتابع , مازلت انتبه بين الحين والحين لاْخى وهويرشدنى كيف ارسم صورة جانبية للكلبين الغائبين وهو يثنى على رسوماتى السابقة والتى طالما انتقدها ورفضها آنفا , مازلت اقول لنفسى كلّما عنّ لى ذلك الخاطر , لربما لم تظهر ملامحهما الحقيقية الاّ بعد اختفاء الملامح الواقعية التى طواها الموج . __________________ ( كانت الوديان التى نراها قاحلة مليئة بالمياه . والجبال الجرداء كانت تكسوها الاعشاب والغابات . والجهات الخالية الموحشة الآن , كانت مرتعا للفيل والخرتيت وفرس البحر والطيور الجارحة. وكان الصيّادون فى لوبيا القديمة يبنون قبورهم على شكل مستدير , ويُسجّى الميت فيها على هيئة الجنين فى بطن امّه ) . ( عمّرنا بطون الامهات , ثم اغتربنا عنها بالولادة) كما قال ابن عربى فى فتوحاته . احببتُ حيواتى المتزامنة واغتراباتى المتعدّدة , احببتُ صيد العصافير / اشكالها /والوانها / اجنحتها المرفرفة / وعيونها الحيّة / اسماءها الغريبة / بوجحّار / الصفيفيرى / بو صريّمة / المير / الحمّير/ ام بسيسى . لم انس ادوات الصيد البدائية الشقليبة والقلاّبة والمنداف ,ماغفلت لحظة عن الترقب , والانصات لصوت القلب , والانتظار , الظفر, والخذلان المبين , والاصداء المتردّده فى بئر الروح . كأنّى بتلك الايام الخوالى , فضاءات الارض والسماء لايحدهما حد , والصبى الذى كنته يهيم على وجهه خلف هاتيك الاجنحة الملوّنة , حيث تختزل العلاقة بالطبيعة والوطن والحياة فى صورة ذلك الصبى الصّياد الهائم المتوحّد مع ضحاياه المحلّقة . ( ايها الغريب لاتطل الحديث حتى لايرتفع الستر عن هذه القصة , لقد اضطربت زمنا ايها القلب فالام تقضى العمر غافلا ؟ انهض واقطع هذا الوادى الصعب ............ ) لاتفارق منطق الطير لفريد الدين العطار وانظر مع التوحيدى فيمن هو الغريب ؟ ومالغربة ؟ ومالاغتراب ؟ . ( هذا غريب لم يزحزح عن مسقط رأسه , ولم يزعزع عن مهب انفاسه , واغرب الغرباء من صار غريبا فى وطنه وابعد البعداء من كان بعيدا فى محل قربه ) . ارسم كثيرا, ولوّن ما بدا لك التلوين , وضع نصب عينيك كلمات امبثياس فى رواية العشّاق التعساء. ( انا لن اعود الى الوطن الذى نُفيت منه فلاْقل وداعا لكل العواطف لكل الخيول وعرباتها ولسباق الحواجز وداعا للسلفيوم وحزمه وأوراقه وعصيره العجيب ) . عمر جهان 1998 ____________________________________________________________________ لمن اهدى هذه الاعمال؟ هل اهديها للذين غابوا مخطوفين ؟ او لتلك الخطوات الاولى التى درجها الصبى الذى كنته فوق ثرى ذات الرمال بلدتى مصراته ؟ ام اهديها آملا ان يكون الاهداء على قدر المهدى اليها للقاهرة التى نتبادل معها انخاب القسوة والتى وان كنت قد برئتُ من عين ولعى القديم بها بعدما عشت فيها ومعها عشرين عاما متصلّة فقد وقعتُ فى عين العين من ولع جديد لاينتهى . / بامفلت لوبيّات. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصائد فى المرئى ..........1984 ــ 2006

__________ وقف ثلاثتهم امام النافذة ينظرون الى البحر الاْول تحدّث عن البحر الثانى أنصت الثالث لم يتحدّث ولم ينصت بل كان عميقا فى البحر ربما كان الاْول فى قصيدة ( ريتسوس ) هذه شاعرا , والثانى موسيقيا , امّا الثالث فبالتأكيد سواء أكان الاول او الثانى اوالاثنين معا, فهو صاحب تجربة فى التشكيل اى صاحب انسجام بين موقفين , موقف تمثيلى وآخر لغوى . ( فاللغة فن والفن لغة , يكمّل بعضهما البعض ويفضيان فى نهاية المطاف الى نقطة هنا أو هناك , ذاتية ومحدّدة فى سياق التعبير عن واقع البشر ) وحيث انّ ( الفن لاينتج المعرفة والمتعة الجمالية وحدهما , بل يعبّر فى الوقت نفسه عن شكل من اشكال تنظيم الادراك الحسى , لذلك ظلّ ينشىء المعرفة كما ينشىء القوانين الخاصة بتلك المعرفة ) . ومنذ القدم اتسمت لغة التفاهم الاْولىبوصفها ذات طابع تصويرى , يتوحّد فيه الرمز والمرموز , ويتداخل عبر نسيجه المبنى والمعنى , بينما ظلّت حلقة الوصل بين الفنون تكمن عند مفصل التقاء الفنان بالكون , والذات بالموضوع , والروح بالمادة الفن لغة واللغة بتعبير هيدجر هى ( اخطر النعم ) لذلك ظلّت العلاقة بينهما اى بين الفن واللغة , علاقة تنافذ , لاعلاقة تنابذ علاقة اتصال لاعلاقة انفصال . وبالرغم من التصنيفات العديدة للفنون , حيث قسّمت التصنيفات الكلاسيكية الفنون الى قسمين أو مجموعتين , فيما اعتبرتها التصنيفات الرومانسية ثلاثة اقسام , بينما جعلتها التصنيفات المثالية فنونا زمانية وفنونا مكانية , امّا التصنيفات التجريبية فقد نسبت بعضها الى السمع واسمتها فنونا سمعية وبعضها الآخر الى البصر واسمتها فنونا بصرية . ومع ذلك وبالرغم من كل هذه التصنيفات ظلّت المناداة القائلة بعدم اعطاء التقسيمات الاهتمام الزائد, مؤثرة فى الفكر الجمالى الذى سيطرت عليه تلك التقسيمات والتصنيفات وتلك الآراء الداعية الى الفصل بين الفنون , لاْنّهااى تلك التقسيمات وان سهّلت حسب رأى كروتشه( دراسة الفنون غير انّها شكّلت عوائق مصطنعة فى طريق الخلق و الابتكار ) . وهكذا تجاوزت التصنيفات الحديثة ما افرزته تلك الانماط القديمة من سلبيات , وبدأ النظر الى الفنون بوصفها عجلة ديناميكية واحدة , او اطيافا شمسية متداخلة , ومنذ توصلت مدرسة الجشطالت بأن ّ الكل ليس مجموع اجزائه, واسقطت نظرية الانماط , ومنذ تصنيف اتين سوريو الشهير اصبح التركيز على العلاقات المتشابكة بين الفنون المختلفة للفن هوالرأى السائد بدلا من التركيز على تلك الفروق والاختلافات الظاهرة , وصار من المألوف الحديث عن عناصر الزمان فى الفنون التشكيلية الموصوفة بالمكانية , وعناصر المكان فى الفنون الايقاعية الموصوفة بالزمانية .هكذا تغيّرت النظرة الى الزمان والمكان , وتنوّعت التجليات الى مالانهاية , وتعدّدت اوجه الاختلافات بتعدد اوجه الاتفاق ومع كل الاحوال امكن القول بانّ العناصر المشتركة بين الفنون جميعا تتلخّص ضمن ثلاثة شروط : ( 1) التركيب ( 2) التكامل ( 3) الايقاع . بيد انّ الحديث عن وحدة الفنون , وتراسل الحواس , لايكفيهما مجرّد المرور عبر النوعيّات المتراكمة مر الكرام , او حتى الوصول الى ابعد نقطة للمفاهيم النظرية حول عجلة سوريوالتى تصنّف الفنون داخل عجلة واحدة ,او القول مع ديوى بأنّ الفنون تمثّل اطيافا متداخلة , ولايكفيهما بالطبع ترديد قول (سيمونديس ) المأثور (ان الشعر رسم ناطق , فيما الرسم شعر صامت ) لكن ومايبقى تؤسسه الممارسة الحيّة , وترسّخه مغامرات التجريب , وتمده بأكسير الحياة والتنامى والتطور المعرفة الدقيقة بالكيفيّات , والفروق البيّنية مابين الانواع , ليس فيما بين الشعر وفن الرسم مثلا وانّما حتى بين الكيفيّات التى تخص النوع الواحد , بين الشغل بالوان الزيت ,والشغل بالوان الاكواريل على سبيل المثال لا الحصر . وحيث انّه ( لايمكن الانخراط فى الرسم الا بالرسم ), فهذه المغامرة , مغامرة الانخراط هى وحدها الكفيلة بتقديم اساس متين للاجابة على التساؤل الغامض: كيف يحلّق الشاعراذن فى فضاءات القصيدة , كى يصل الى الاثير البصرى ؟ وكيف يغوص الفنان التشكيلى فى عمق الصورة كى يكتشف لؤلؤة الشعر ؟ ومالذى يحتاجانه ليبتكرا وسائل اخرى طوبوغرافية خاصة بالمكان , ومرفو لوجية تختصّ بالبنية , وديناميكية تخصّ القوة الكامنة عبر تضاعيف الاشياء . لقد مارس هذه التجربة المثيرة فيما مضى كثير من الشعراء والادباء والفنانين بامتداد الثقافات المختلفة , وقليل منهم فى سياق الثقافة العربية ,مارسها طاغور وغوته وكوكتو وميشو ولوركا وجبران . ربما كانت هذه المقدمة ضرورية للولوج الى عالم الشعراء الاصدقاء حسن طلب / حلمى سالم / رفعت سلاّم / امجد ريّان / جمال القصاص / محمود نسيم / محمد عيد ابراهيم / أحمد زرزور / عصام ابو زيد / سعدنىالسلامونى / غادة خليفة خاصة مقارباتهم الشعرية حول تجربتى الفنية واعمالى المتواضعة. تعيدنى اشعارهم , لعلّ لو حاتى تعيدهم كذلك الى تلك الحوارات الخصبة فى الفن والحياة فى البدء حوارات مجلة اضاءة التى كنّا نقضم فيها كعكة العادات, ونمارس خلالها شهوة اصلاح الكون الفاسد , قصائد ولوحات الوهج الاولى المضادة (للزمن الموحش ) , (وفساد الامكنة) . ثم انفرطت مسبحة الكلمات اسبوعيا كل يوم احد بحديقة اتيايه القاهرة وكل يوم اربعاء فى مرسمى بحى الدقى , ظلّ الحوار موصولا , لاْن الواقع يشترط الحلم , والحلم يشترط التأمل, والتأمل يشترط الصمت , والصمت يشترط القول , والقول يشترط الفعل , والفعل يشترط الفن , والفن يشترط التحوّل من اللا شكل الى الشكل ,ومن حالة الاكتناز الى حالة العلانية . , ولانّنا لاننزل نهر الفن مرتين , ولانّ الفنّانين كهنة فى معبد واحد سنظل نعيد القراءة , لانملّ قراءة النص ولا يمل ّالنص تجديد لذته . 1 الى المفؤد بها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / حسن طلب ( كان صبيا منفلتا / كان يهيم على الغبراء ... يهيم يهيم / كأن كان يلاعب اطيارا وجنودا زرقا وملائكة / حتى لمّا ان تعب ونادته ملاعب اخرى انفلتا / كان يطير يطير / كأن كان يطارد حلمين حقيقيين / وينظر من عينين طويلا ما بكتا / ولغير نخيل القرية ما اشتكتا / كان كأن يعشق او يتعشق / واعدها عند الوقت فجاءت قبل الوقت / فواها يا عينيين بعينيين التقتا / كانت دمعة شوق فى عينيها تكبر / كانت دمعة حزن فى عينيه / ولمّا ضمهما ليل شجنى البوح تحدرتا / فسلاما ياكبدين تفتتا / وسلاما يا كبدين بنا رين اكتوتا ) 2 الغامق الموشى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / حلمى سالم( الساحر الغامق الموشى / هلّ لى / وهشا / طرّز الجراح فى صدورنا / سكينة ونقشا / كان بعض ازميله نحيلا / وبعضه اجشّا / انه وباء فتنة تفشى ) 3 وشم الظل النابض ــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / جمال القصّاص( هو الآن ......... / يشرب الشاى فى المقهى / بعد هنيهة / يصعد الغرفة الناتئة / بعد هنيهة / يطلق الوردة المفاجئة / بعد هنيهة ....... اغمض عينىّ / كى ارى الصرخة الهادئة ) 4 الحجرة ـــــــــــــــــــــ شعر / امجد ريّان ( هذه مستعمرة للجدران الناقصة / وطرقات تتلوى كالدخان / فيها آهات الخبز / أهلتها تتعجّن كالحيّات وفيها / بئر / لو يأخذ منها ماء للقنديل اضطرب بحمرته كالدم ) 5 حيث تكون الظلال كثيفة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / محمود نسيم ( أطلق لحظة من يده تلك مدائن لاتأوى الغرباء / وتلك مدائن يعبرها البدو الليبيون / وتزحف بين شوارعها / وجوه الموتى المغتربين / فخذ ظلك / وأمض الآن ـــ أمض الآن / لاغير امتداد الظلال على الحائط / و ( السكون المشمس ) / والضياء الذى يتكسّر حين يلامسه جسمك / وغموض النهايات / فامض الآن امض الآن ) 6 صارية الانخاب ــــــــــــــــــــــــــــ شعر / محمد عيد ابراهيم ( ليس من بلد / لتتقبّل رجله / فى ظهيرة / عند حيض الشمس / حاورته / عن كلى او كاندنسكى / كى يهمّ الرحيل / بنار لحيته / يكتشفها البياض ) 7 ضوضاء ــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / احمد زرزور ( لماذا تتقصّف صلوات الاستسقاء ياعمر جهان / هل لاْنّ الملائكة أبطلوا بطحالبهم / مفعول / الشيوخ ؟ / أم لانّ الشيوخ توضّأوا باسراف / من نهر الشريعة ؟ / لماذا تغضب الغابات يا عمر جهان / هل لاْنّ الحق على شاعر / لايخلع خرقته / وراء النقاد ؟ ) / 8 احتمالات ــــــــــــــــــــــــــــ شعر / أحمد مرتضى عبده ( يضيق الفتى بصداه / تطارده الخيل والرمل / والبدوى المغامر / يطارده حزنه المتآمر / وتتركه للفرار قصيدة / نمت فى الصدى / فانتحى / ظلّ لوحته العابثة ) 9 الغرفة ــــــــــــــــــــــــــــ شعر / عصام ابو زيد ( أهلّة / تابوت / دوّامة / كوابيس / انها الهيولى / ثم تنمو الحيطان كديناصور تائه / الباب / حصان يلعب مع الطحالب / النافذة / ملقاط يطارد الصراخ / من دخل ؟ / من خرج ؟ / لاأحد يعلم سرّ الغرفة / لكنهم يسمعونها كل ليلة تهذى من الحمى / عن طفولة / وعشاق / وغرفة اخرى ) 10 روحه فضلت تنعم ــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / سعدنى السلامونى ( براويزه عبارة عن كلبشات / جوه البراويز زمن / متفرفته فيه السنوات / ماتعرفش دى ناس / ولا ازمنة ماشيه فى اللوحات / ماشيه فى حركات الوانه / اللى قايمه على الحركات / ميت حى / وحى مات / زمن جاى من بعيد / وزمن فات / وزمن على وش اللوحة عامل ايقاعات ) 11 الاربعاء ـــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / غادة خليفة ( صرنا أنفسنا / بلا حرّاس أو آلات تعذيب / صار الوقت مشمسا / والدهشة حقيقية / عندها / بدأ الاصدقاء / فى دخول مدينتنا / مشدوهين / من كلامنا وحكايانا الكثيرة / لم أحاول ان اشرح لهم / طريقة الهواء فى الدوران / أو انتظام المحبة فى الحضور / لم اشرح عتمة البلكونة / أو ضوء البنورة الخافت الذى يشعّ من المكتبة / لم أفش اسرار / الموتيفات التى تتجول بيننا طول الوقت / لم أقل شيئا عن علاقتى بالكرسى الوحيد / أو بركن الحائط الذى يبادلنى الابتسام / فقط ذكرت / اننى هنا / أطمئن )
مقتطفات من كتاب (قصائد فى المرئى )