الخميس، 5 مارس 2009

تعلّمت من دراسة الفلسفة ,ان ّ بومة منيرفا لاتأخذ فى الطيران الاّ عند الغسق , اى ان الحكمة تظهر فى اوقات الشدة والازمات . تعلّمت من دراسة الأنثروبولوجى احترام عادات الآخرين وطرائقهم فى الحياة وتعبيرهم عن انفسهم . تعلّمت من الدين اننى لم اخلق عبثا . تعلّمت من الفن / ان اكون أنا هو أنا . مذ كنت مطويا نفسى على نفسى كاليرقة المنطفئة أو كاحتمال الجمرة المتّقدة ألمع فى رحم الكلف الشمسى , وخلايا الضوء المخبوء أرفّ خلال ورد الروح المبتل , وزغب طيور الماء كنتُ أُفتش عن خصوصيتى ... ( من حوار سابق ) ____________________________________________________________________ الوعود التى كنتُ أعيشها فى طفولتى ، هى ذاتى الأُخرى الغامضة، تمنحنى الشكل ، وتهبنى الدلالة والرمز ، وتمدُّ لى خيط ( اريان ) لكى يخرجنى من المتاهه . متاهة تلك الايام التى عشتها ، وتلك التى لم اعشها ، وتلك التى اتعلّق باطراف ثوبها كما الطفل ،ثم تجدنى كالقابض على هواء ، يكفينى منها ويسعدنى ، أننى ضممتُ قبضتى الصغيرة. ___________________________________________________________________ ( عالم الصمت ) _________ الفنان والمتلقى ليسا كيانا واحدا؛ هما كيانان مختلفان فى اشياء كثيرة ومتفقان فى قواسم مشتركة عديدة ؛من هنا تبرز أهمية النقد بحثا وتنقيبا عن امكانات النص المرئى الظاهرة والباطنة ..... وبالرغم من وجود من لايعول على دور النقد والناقد بالقدر الكافى ؛ نظل فى احتياج دائم لقراءات متنوعة للنص التشكيلى ؛ كذلك تظل النصوص القديمة _ اللوحات القديمة محتاجة للتحليل والنقد ؛ حتى وان استوفت الدراسات جوانبها المتشعبة ؛ وفضّت المناهج النقدية ألغازها الغامضة الملتبسة ؛ بل تظل وباستمرار محتاجة عبر كل فترة زمنية لقراءات جديدة وتفكيك دائم ؛ واستكناه لاينضب . مهمة صعبة ومركّبة ؛ ومما يزيد المهمة صعوبة وتركيبا وتفاقما ضمن اطار الثقافة التشكيلية ( العربية ) : (1) غياب تراث نقدى متشعّب يستند عليه الناقد فرزا و تحليلا ونقدا . (2) الافتقار لوجود فلسفة جمالية تشكلية للابداع . التجربة الفنية لاتعطى نفسها بسهولة ويسر ؛ على الفنان ان يعى ذلك جيدا ؛ وعلى المتلقى ان يتحمّل نفس العبء. مالذى تصنعه الابرة فى جبل من الصوان . ................. وهكذا وسط ثقافة مهمّشة / لمجتمع مهمّش / انا فنان هامشى يزاول مهنة هامشية . ( من حوار سابق ) ___________________________________________________________________ اللوحة __ اللوحة تتجاوز الشعارات السياسية؛ وتختلف عن النص الادبى ؛ وتتميز عن الواقع ... انها تبدأ كسديم ثم تتوالد تفصيلاتها ... لاوجود للوحة كاملة غير منقوصة فى ذهن او مخيلة الفنان كما انها لاتتجسّد دفعة واحدة ... اللوحة ليست مقدسة بل هى عملية تحويلية .. عملية شاقة وممتعة ؛ قوامها جماع حواس الفنان وتراسلها ؛ متمازجة مع تجربتة الثقافية وخبرته الحياتية . من حوار سابق ____________________________________________________________________ الطبيعة _______ ليست الطبيعة محض معادلة حسابية ؛ اوقضية منطقية؛ وهى بالتأكيد ليست صندوق قمامة . مالطبيعة اذن ؟ هل هى حقل مغناطيسى وقوة سحرية غامضة تمنح الانسان الطاقة ؛هل هى كتاب كونى يضم قوانين الشكل والمحتوى ؟ . الطبيعة كما قال سيزان ( عمق اكثر مما هى سطح ) تلك الطبيعة المتحررة من سطوة النمط والنموذج والمفاهيم الاصطلاحية ؛ اصبحت منذ سيزان طبيعة وحسب وكفّت على ان تكون انطباعاواسقاطا نفسيا من الفنان على الشجر والمدر على الرمل والبحر ؛ الطبيعة هذه الحاضرة الغائبة او بلغة هيدجر تلك التى ( تحب التخفى ) .لايكتفى الفنان بالنظرة العابرة الى مرئياتها بوصفها مجرّد اضواء او الوان ؛ الفنان هنا لايحولها الى رمز كبير ولايبحث داخلها عن رموز متناثرة . هذا الفنان لايسعى الى التوحد مع الطبيعة ؛ كما انه لايبتغى اسقاط افراحه واتراحه على مفرداتها وعناصرها ؛ وهو عندما ينحّى مجمل الاستخدامات الرمزية يحاول فى نفس الوقت نسيان الدرس المدرسى _ لاند سكيب landscape أو فن المنظر مثله فى ذلك كمثل كاندنيسكى عندما قال ( انّ حبه للطبيعة ازداد تأججا منذ ان كفّ عن محاكاتها ) هكذا تتحرر اللوحة عند فنانى الحداثة من الواقع العيانى فلا تظهره ولاتحجبه ولاتومىء الى وجوده . والفنان حين يتبنى هذه الرؤية لاينظر الى الطبيعة بعين الايد يولوجيا ؛ لكن نظرته تمتدّ الى ماهو ابعد من نظرة المستلب المغترب ؛وتلتحم بما هو اقرب الى نظرة الناقد الرائى . تذوب ثنائية الثقافة والطبيعة ؛ وتزول الفواصل فى الفيزياء الجديدة بين الحى وغير الحى .طبيعة خالية من السمترية مشحونة بالابتكار والتنوع . كأنى بتلك الايام الخوالى ؛ والصبى الذى كنته هائم على وجهه خلف تلك الاجنحة الملوّنة ؛ حيث تختزل العلاقة بالوطن والحب والطبيعة فى صورة ذلك الصبى الصيّاد الهائم المتوحّد والمنفصل فى آن مع ضحاياه المحلّقة . اسرار تسرى عبر الفصول الاربعة خريفا/ شتاء / ربيعا / صيفا ؛اتذكر ومض البرق/ هدير الرعد / انهمار المطر فجأة / وانبثاق اشعة الشمس من خلال السحب الداكنة/ قوس قزح والوان الطيف المتلالئة على صفحة الغدران المتغضّنة اشجار الزيتون والنخيل وزهور ابو قرعون الحمراء وزهرات الفلية الصفراء الصغيرة ؛ اثر الاقدام فوق التراب المعشّق بقطرات المطر ؛اتذكر انعكاس اشعة الشمس على صخر الصوان ؛ وسراب ايام الصيف القائظ ؛ كل شىء تغلّفه الطبيعة حفلات الاعراس المبهجة ؛ واصوات النواح الآتية من بعيد ؛ لغة الطير ؛ والكتابات البونيقية فى مزدة ؛ تماثيل صبراتة ولبدة ؛عباءات البشر الليبيين المملوءة با الهواء والذكريات ؛ كل شىء تغلّفه الطبيعة البحر والرمل والاغتراب والاختطاف والدهشة وشهوة التغيير الجامحة الاعتراف والصبر والخيبة الظفر والانتصار والخسران كل شىء تغلّفه الطبيعة ؛ طبيعة لاهى صامتة ولا هى حية ولاهى بين _ بين ؛ كما لو أنك تجرى لاهثا فى الحلم ؛ او تسقط من شاهق لا بل كما تشمّ قرنفلة لم تُقطف بعد / هكذا تغمس اصابعك العشرة خلال كثافة لون صاف جارح شفّاف / تترك ما تراه الى مالا تراه / فما الذى يتبقى لديك من الطبيعة. اوراق قديمة ___________________________________________________________________ ماالشجرة ___________؟ هل مالانراه فى الشجرة هو ذلك الشىء الوحيد المرئى ؛ ذلك السريان المتبدى عبر النمو المستمر المستتر ؛ ونحن اذ نلمس بأناملنا ؛ ونرى بأم اعيننا هيئة الشجرة الجدع الغصون الاوراق النضرة حجم الثمرة خشونة اللحاء كثافة الاْلوان تفتح الزهور . لانلمس ولانرى فى حقيقة الامر سوى ذلك السريان المدرك المنفلت من بين الاصابع ؛ وتلك الاطياف المارقة أمام المقل . أهى بذرة منسية حقا ؛ ثم عروق منتشرة فى مشاش الارض ؛ جدع راسخ ؛ وساق يطاول السماء ؛ غصون وارفة عبر الفراغ ؛ براعم / الوان / ملامس أو عصارات وألياف وتمثيل ضوئى ؛ خلايا واختمار ؛ ام شكل وبنية وفورم ثم شبكة من التفصيلات اللا متناهية . ماالثابت وماالمتغير فيما نسميه شجرة ؟ الظاهر ام الباطن ؟ الداخل ام الخارج ؟ الشكل ام الدلالة ؟ الرمز ام الواقع ؟ هل هى شجرة يغدراسل ( yggdrasile ) كما جاءت فى آساطير الشمال تلك التى تجمع الجنة والجحيم / الارض والسماء ومابينهما . او شجرة أتأب ( Botree ) شجرة التين التى جلس تحتها بوذا الاْكبر الى ان بلغ ما اراد من حكمة ومعرفة ؛ او شجرة اليقطين التى اكل منها النبى يونس واستظل بظلها ؛ اهى الشجرة العادية التى نفتح نوافذنا كل صباح كى نرى سمتها ربما شجرة برتقال رمان حناء او شجرة لبلاب لاتزول لها خضرة ؛ عمتنا النخلة ؛اوتلك الشجرة التى تتنهّد بالعصافير ؛ او ( زيتونة لاشرقية ولاغربية ) بوصف القرآن ؛اوشجرة ( طوبى ) المباركة المزروعة فى رياض الجنة ؛ لعلّها شجرة آدم وحواء ( ونادهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ) صدق الله العظيم . شجرة الميلاد ام شجرة القيامة. شجرة الطبيعة الاولى ؛ ام شجرة الطبيعة الثانية ؟ شجرة الرب ؛ ام شجرة موندريان ؟ ام تلك الشجرة التى تقفز لى من حكايات الجدة لتلقى الرعب فى قلبى _ الطفل كلما وصلت الحكاية الى ذروتها الدراماتيكية ؛وقد كنت مع بداية كل عام هجرى جديد استرق السمع ؛ وافتح عينين مفزوعتين خوفا من هبوب الرياح قبل نهاية اليوم الموعود ؛ لانّ عصف الرياح يتسبب فى سقوط اوراق الشجرة المكتوب فوق سطح كل ورقة منها اسم انسان ما من اسماء البشر جميعا منذ بدء الخليقة وحتى يرث الله الارض ومن عليها ؛فاذا ما سقطت ورقة موشوم على نسيجها اسم ما ؛ يكون صاحب الاسم فى عداد الاموات ... هكذا قيل وهكذا تتلاشى الاعمار المعلّقة بالورقة الواهية ؛ حدث ذلك مرة ؛ وماحدث مرة فى زمان ما ومكان ما _ كما تقول الآساطير _ سيحدث مرة اخرى . أهى شجرة المعرفة والعقل اذن ؛ شجرة الرحم او شجرة الخيال ؛ شجرة البصر ام البصيرة ؛ شجرة الحواس ام شجرة الفكر ؛ ام شجرة الانساب . ما معناها من حيث الوظيفة ؛ مامعناها من حيث الايتومولوجيا . كيف افهمها / كيف اراها / كيف ارسمها ؟ هل كل شجرة يقابلها رسم ؛ وكل رسم له اسم ؛ وكل اسم على مسمى ؟ أشجرة الزقوم هى ام شجرة الخلد ؟ أشجرة الحياة ام شجرة الفن . اوراق قديمة 86

الأربعاء، 4 مارس 2009

محاكاة ________
كل فن يبدأ من( الممزيس mimesisـــــ المحاكاة ) رسمتُ وجها لانسان يتثاءب ؛ كنتُ فى العاشرة من عمرى تقريبا ؛ فرحت ُ بما صنعت يداى ؛ وهرولت نحو امى يرحمها الله ؛ وعرضتُ أمام ناظريها ( رسمتى تلك ) حدّقت فى الوجه المرسوم برهة من زمن ؛ ثم وضعت يدها قدام وجهها وتثاءبت. ( الاعمال الفنية لاتؤثر الا ّ فى النفوس المهيأة لتقبلها) ؛ تذكّرت هذه الحكاية عندما عرفت ان الفن ليس حرفة وصنعة ؛ ولكنه عدوى وتأثير ؛ ليس مجرّد تعبير وايحاء ؛ وانما حلم ورؤيا . ( من حوار سابق ) ____________________________________________________________________