الثلاثاء، 28 أبريل 2009

الخصوصية

اين تكمن هذه الخصوصية ؟ اظن انها هناك فى القصى والبعيد والمتغير ، فهى بالنسبة لى ليست تكرارا لموتيفات بعينها ، او طريقة معينة لصنع بناء اللوحة والوانها وملامسها ، او استخدام خامات دون غيرها ، هى محاولة دائمة للافلات مما هو نمطى وسائد ومتكرر ، هل نستطيع القول انّها الافلات من الذات دونما تحقق ، اى ان الفنان يحاول الافلات المستحيل وفى كل محاولة من تلك المحاولات الفاشلة تبرز سمة ما تندّ عن امكانية تجاوزها ، يفشل الفنان فى الافلات منها، تلك السمة المستعصية هى الخصوصية ، عليك ان تصطادها، ان استطعت ، وهى ليست عبارة عن معطى جاهز ، بل تكمن فيما لم يتحقق بعد . لذلك تجدنى فى حالة ظعان ابدى رغم اقامتى ، فاانا المقيم المسافر ، واقامتى عين ترحالى ، انتقل فى اللوحة من سفر الى سفر ، ومن لون الى لون ، ومن تيه الى تيه .
وانت ياصديقى الشاعر بتعبير ، وتن ستاين ، ( اذا فهمت جملة فانّ هذا يعنى انك قد فهمت لغة ، واذا فهمت لغة فذلك يعنى انك اصبحت خبيرا فى التكنيك ) . امّا انا فربما ينطبق على ماكتبه ، هرمان ملفيل ، ( انا الصيّاد الذى لاوطن له ، والتى اقصدها _ اعنى خصوصيتى _ ماتزال تطير امامى وانا سأتبعها، مع أنّها قادتنى الى ماوراء الجبال عبر بحار بلا شموس داخل الليل والموت) .
وبيننا / انا وانت / يوجد ذلك الشىء المعلّق كسيف (ديموقليس ) ذلك الشىء المعلّق بتلك الشعرة الدقيقة الفاصلة مابين الحب والكره ، الجمال والقبح ، الوعى واللاوعى ،البديهة والروية . انه الفن ..... سلاح ذو حدين يمنح الانسان الحق والخير والجمال ، ولكنه عندما يقع فى ايد غير مسؤولة يمكن ان يتحوّل الى معول هدم ، فيسلب الانسان العاقل انسانيته ، ويحوّله الى حيوان ذى قدمين .
على الفنان الحق اذن ان يمشى يوميا على مايُشبه الصراط . لم يبق غيرنا ياصديقى فاصرخ مابدا لك الصراخ / لم يبق امامنا سوى النسيان فتذكر ماوسعتك الذكرى . انهم هنا ... وهناك أولئك الادعياء الغامضون الواضحون ، عراة كما ولدتهم امهاتهم ، اولئك الضحايا الذين يعانقون ويمجدون جلاديهم فرحين بالنياشين ، والانواط ، والالقاب ، والزيف .
يالهم من فهود خيالية تتقافز ككرات نار عبر فضاء رمادى ،
يالهم من ديناصورات عمياء تطلق للغسق المترامى عويلها الاخير .
من رسالة قديمة ، من حوارسابق ، مع صديق شاعر