السبت، 13 نوفمبر 2010

أوقفني في البحر فرأيت المراكب تغرق والألواح تسلم، ثم غرقت الألواح، وقال لي لا يسلم من ركب
وقال لي خاطر من ألقى نفسه ولم يركب.
وقال لي هلك من ركب وما خاطر.
وقال لي في المخاطرة جزء من النجاة،
النفرى _______ من موقف البحر

الخميس، 11 نوفمبر 2010

من خطف الظل ؟

الطفل محمد الطفلة منى فىزيارة الى مرسمى ابنى محمود فى مرحلة الشخبطة الباين راحت علينا موتيفات عابرة موتيفات عابرة الطفلة قبس الطفلة مريم
_______________
محمد / قبس / منى / مريم
__________________
كانت طفلة ذكية لمّاحة ، كطائر يخطف ظلّه ، تحفظ الاناشيد المدرسية، وتقرأها بيسر واتقان،1 ‎ ‎
عندما زارتنى فى مرسمى مع اختها الفنانة شيماء اهديتها قناعا مرسوما
بالالوان ، واهدتنى منى رسمة بالابيض والاسود والتقطت شيماء بعض الصور لتثبّت
لحظة من لحظات ذلك اليوم الباذخ بالطفولة .1
فى مرسمى كانت الطفولة تتحرّك بنزق وشقاوة وحرية ، نتكلم,ونفرح ، ونلعب بالخامات ، ندلق الاحبار كيفما اتفق على مساحات الورق الابيض ، والخشب البنى ، وبلاط الحجرة المكسو بالموكيت العطشان اسأل الاطفال الاذكياء هل البحر ازرق ؟ هل الرمل اصفر ؟ هل الحائط الجيرى الاْبيض ابيض ؟ مالون حمار الوحش والقطط والكلاب مالون الشجر والزهر والعشب ، مالون الماء ، كنت اسأل هل السماء زرقاء ؟ هل للموسيقى لون ؟ واحكى عن قصة صبى العرّاف لجوته والمكنسة الساحرة ـ المسحورة وحكاية حسان ابن ثابت وابنه ، عندما سأله الوالد الشاعر عما المّ به فصاح الاْبن لسعنى طائر كأنّه ملتف ببردى حدأة ، فنسى حسان او تناسى مايعانيه ابنه من الم وصاح شعرابنى ورب الكعبة، وقصة بيكاسو والفتى راسم البرتقالة حيت انهمك الفتى الذى يتدرب فى مرسم بيكاسو فى نقل برتقالة وضعها امامه واخذ يتفنّن فى نقل تفاصيلها مرة بعد اخرى ، وكان كلما عرضها على بيكاسو قال له ليس بعد اعد المحاولة ، وفى المرة الاخيرة غضب الفتى الرسام وابى ان يمتثل لراى استاذه فى اعادة المحاولة قبل ان يعرف سبب الرفض .. وهنا اجابه بيكاسو قائلا انك لم ترسم البرتقالة، ولكنك حاكيت شكلها الظاهرى ، ولم تصورها بل نقلت شكلها دون ان تقدم رؤيتك الخاصة لما كنت تراه من قشرة ولون وفورم ضوء وظل ، عليك ان تقدم رؤية فنية للبرتقالة ... و ماذا علىّ ان افعل لكى اقدم هذه الرؤية قال الفتى مستغربا ومتشوفا حينئذ قال بيكاسو عليك ان تعرف ان البرتقالة التى ترسمها تأتى من يافا ويافا بلدة فى فلسطين وفلسطين ارض اغتصبها اناس اذاقوا اهلها شتى انواع الاضطهاد والعنصرية ، وطردوا اهلها من اراضيهم وحقولهم فالبرتقالة عبئت بالحنين والشقاء والتعب صارت رمزا للوطن المغتصب واللاجئيين ولم تعد كما تراها برتقالة جميلة تأكلها مستمتعا، لو عرفت لادرك ت ، ولو ادركت ، لرسمت ولو رسمت لجاءت البرتقالة بشكل غير مارسمتها به فى المرات السابقة حاول مرة اخرى اذن . كنت احكى لهم الحكاية بتصرف واقرأ فى كتاب ماجد يوسف مرايا قوس قزح ، ومن سلسلة قوس قزح ايضا الصادرة عن دار الفتى العربى نقرأ غراب بالالوان قصة زكريا تامر ورسوم بدر وبهجت / الفتاة والزورق فكرة زين الطويل ورسوم كمال بلاّطة / البيت قصة زكريا تامر ورسوم نوال عبود / كذلك قصة حياة شجرة تأليف ورسوم حلمى التونى .وبين الفينة والاخرى يقلبون كتاب اللبّاد الكشكول بدهشة بكر،1 ... كنا نردد معا اغنية لانعرف من كتبها او ترجمها اوغناها : نزلت الى الوديان الموحشة أنشد بالمزمار / اغانى المرح البهيج / فرأيتُ على السحاب طفلا قال لى ضاحكا : انشد أُغنية أجمل / فانشدتُ فى سرور وحبور / وكتبتُ اناشيد سعيدة / يفرح لسماعها كل طفل .1
. كنت ابسّط بعض المعانى بينما محمد كان منهمكا فى رسم بحاره وهويصيح بنشوة طفولية غامرة هذا البحر الابيض / وهذا البحر الازرق وهذا البحر الاخضر / وهذا البحر الاحمر / وهذا البحر الاسود / وهذا البحر الرمادى / وهذا البحرالبنفسجى / وهذا البحر الاصفر / كان محمد يُصر على تكرار كلمة بحر مع كل لون ، علقنا البحار السبعة افقيا والبحر النافل رأسيا وغرقنا مستمتعين بالوانه المائية االمشرقة . رسمت مريم وجوه براءتها، بينما اخذت قبس تقص علينا قصصا مرئية حروفها خطوط رقيقة متشابكة والوان متقابلة وانا احاول ان اجارى الطلاقة والمرونة والخيال ،ان الخيال كما قال الروسى فيجوتسكى هو الذى جعل منّا بشرا .هكذا كناّ نحاول ان ندخل معا مايُسمى لعبة تبادل الادوار ، غير ان الطفل الفنان فى ذلك اليوم ، كان قد غيّر الخريطة ، وابتكر آماكن واسماء جديدة لبحار لم نسمع عنها من قبل .1
____________________
لماذا تتحرك الشمس ؟
سأل جان بياجيه احدالاطفال فى مرحلة ماقبل سن المدرسة لماذا تتحرك الشمس ؟ فاجاب الطفل ببداهة عندما نمشى تذهب هى ايضا / بياجيه لماذا تذهب ؟ الطفل : لكى تسمع مانقول . بياجيه هل هى حيّة . الطفل : طبعا
التواصل بين الطفل والمحيطين به يبدأ قبل تعلمه اللغة ... وبقدر مايكون الاطفال قادرين على التعبير عن رغباتهم بوضوح بقدر ماتكون الفرصة لديهم اكبر فى اشباع حاجاتهم )1
ابان اوائل القرن العشرين تم اكتشاف فنون الطفل , وتوالت الفتوحات النظرية فى علم النفس ، وعلم الجمال ، وانفتحت الاعين على قيم جديدة من الجمال والبهجة الناتجين عن غريزة اللعب، وتم اعادة القراءة للفنون البدائية ، والاقتراب من فهم جمالياتها ورؤاها المغايرة وبالتالى تمّ ايضا تجاوز الكثيرمن الآراء النمطية القديمة كتلك التى تعتقد بانّ المنظور وفق نظريات ـ رينان وشبنجلرـ معروف للعقل الغربى فقط ومجهول بالنسبة للبدائين والاطفال ، ولا يدركون الحاجة اليه وان ادراك العمق هو الذى يميز بين الطفل والانسان الناضج . تلخيصا كان يظن ان ( الخبرة الرمزية فى العمق هى ماتنقص الطفل )1
لقد فقدت مثل هذه الآراء اهميتها بعد رسوخ خصوصية فنون الا طفال ، وتعدد الآساليب فكرا وفنا وبعدما اعيد الاعتبار لعقلية الانسان البدائى صانع العلامات ذات الدلالات النفسية والدينية والمجتمعية، وهكذا انفسح المجال امام تسيزك ونظريته للدفاع
. عن المزايا الفنية والسيكلوجية لعمليات الطاقة الابداعية لدى الاطفال ، كما تمّ اعلاء شأن القيمة الجمالية لرسومات الطفل .
لربما تجد فى الرسومات التى ينتجها الطفل عبر التبسيط والتسطيح والشفافية ميلا غريزيا للرمزية،وفد تتسم بعدم النضج احيانا بل والتناقض الداخلى لكنها تظل فى كل الاحوال عامرة بالقيم الفنية، التى تفضى الى الفن الحقيقى باعتباره انتقائى ايحائى وليس مجرد اعادة انتاج مرآوى للواقع المباشر. اتشحن رسومات الاطفال الموهوبين بقيم الجدة والفرادة والادماج والاصالة.1
لم يعد الطفل كائنا ناقصا بل انسان له شخصيته المتميزة وسماته الخاصة او كما قال جان جاك روسو
. ( ان الطفل ليس صغيرا يكبر ، لكنّه كائن صاحب احتياجات تخصهُ ، وعقلية تتناسب مع هذه الاحتياجات )
يظل الطفل اقرب الى عالم الفن ، وهو يسجّل مظاهر عالمه ، وينتقى مفرداته التى تحمل له معان معينة ، ثم يصنع تلك العناصر المدركة المتفردة ، ومن هذه العناصر وتلك الدلالات يؤلف تجربة خاصة. 1
وماالفن سوى نتاج انسانى يتسم بالقصدية انتاج فنان يشكّل عناصر وخامات بمهارة ، لكى يوصل تجربة انسانية ما، يرى بعض الرائين فيها جمالا ،ويقترب البعض الآخر من تخوم المتعة العاطفية والفكرية ، بينما لايرى غيرهم سوى الغاز غامضة مقلقة . ّ
الطفل فنان كامن / والفنان طفل أبدى
تجمع بينهما لذة الاكتشاف , والمتعة والرضا
_____________
لم لم ترسم للاطفال ؟
فى تصورى كثير من اعمال بعض الفنانين تلائم مخيلة الاطفال يستجيبون لها ويستمتعون بها ، وان لم ترسم لهم مباشرة اعمال بول كلى مثلا وبعض اعمال خوان ميرو ،واغلب رسومات الفنانين التلقائيين ، و كثيرمن رسومات جورج البهجورى . الخ
ربما فى المقابل لاتصلح رسومات اخرى اعدت بقرار مسبق لكى تصاحب مايكتب للاطفال ، او توجه للطفل بشكل تربوى قسرى ، هى ابعد ماتكون عن ذلك الهدف السامى المتضمن النوايا الحسنة ، بعيدة كذلك عن قدرتها على تنشيط المخيّلة وبعيدة ايضا حتى عن محاولة دفع الذاكرة البصرية كى تحتفظ بحيويتها وتلقائيتها ا بل ربما تصنف عند بعض النقاد فى خانة مضادة للخيال .تستطيع ان نستثنى تجارب قليلة غير انها مهمة باتساع الوطن العربى فى هذا المجال مجال الرسم للطفل وذلك مثل تجربة دار الفتى العربى اواخر السبعينيات واوائل الثمانينيات كذلك رسومات اللباد وتجربة عدلى رزق الله المعنية بالاطفال ماقبل سن السادسة وربما وجدت تجارب اخرى فى تونس والسودان وسوريا ولبنان ....1
اما انا فقد ظل هاجس الرسم للاطفال يراودنى ويقض مضجعى خلال تجربة كهفيات الحبر والشمع وايضا فى مجموعة موتيفات عابرة لكننى لم اقدم على هذه التجربة الصعبة مباشرة وتركتها تتسلل وتسرى فى الكثير من اعمالى دونما قصدية مباشرة , وانا ازعم ان اعمالى تنهل من ثلاثة مصادر رئيسية : رسومات الكهوف و غريزة اللعب عند الاطفال
الطبيعة التى تحب التخفى بلغة هيدجر
والشعر بوصفه تأسيسا وتشكيلا , لاتوصيفا وتعبيرا .
وفيما اظن ان بعض اعمالى خاصة كهفيات الحبر والشمع كانت مثيرة لدهشة الاطفال اللذين شاهدوها ،اتمنى للاطفال ان يظلوا اطفالا . لكى تظل الوعود التى اعيشها فى طفولتى ، هى ذاتى الاُْخرى الغامضة التى تمنحنى اللوحة وتهبنى الدلالة والرمز .1
بتصرف من حوار قديم