الاثنين، 23 فبراير 2009

قصائد فى المرئى ..........1984 ــ 2006

__________ وقف ثلاثتهم امام النافذة ينظرون الى البحر الاْول تحدّث عن البحر الثانى أنصت الثالث لم يتحدّث ولم ينصت بل كان عميقا فى البحر ربما كان الاْول فى قصيدة ( ريتسوس ) هذه شاعرا , والثانى موسيقيا , امّا الثالث فبالتأكيد سواء أكان الاول او الثانى اوالاثنين معا, فهو صاحب تجربة فى التشكيل اى صاحب انسجام بين موقفين , موقف تمثيلى وآخر لغوى . ( فاللغة فن والفن لغة , يكمّل بعضهما البعض ويفضيان فى نهاية المطاف الى نقطة هنا أو هناك , ذاتية ومحدّدة فى سياق التعبير عن واقع البشر ) وحيث انّ ( الفن لاينتج المعرفة والمتعة الجمالية وحدهما , بل يعبّر فى الوقت نفسه عن شكل من اشكال تنظيم الادراك الحسى , لذلك ظلّ ينشىء المعرفة كما ينشىء القوانين الخاصة بتلك المعرفة ) . ومنذ القدم اتسمت لغة التفاهم الاْولىبوصفها ذات طابع تصويرى , يتوحّد فيه الرمز والمرموز , ويتداخل عبر نسيجه المبنى والمعنى , بينما ظلّت حلقة الوصل بين الفنون تكمن عند مفصل التقاء الفنان بالكون , والذات بالموضوع , والروح بالمادة الفن لغة واللغة بتعبير هيدجر هى ( اخطر النعم ) لذلك ظلّت العلاقة بينهما اى بين الفن واللغة , علاقة تنافذ , لاعلاقة تنابذ علاقة اتصال لاعلاقة انفصال . وبالرغم من التصنيفات العديدة للفنون , حيث قسّمت التصنيفات الكلاسيكية الفنون الى قسمين أو مجموعتين , فيما اعتبرتها التصنيفات الرومانسية ثلاثة اقسام , بينما جعلتها التصنيفات المثالية فنونا زمانية وفنونا مكانية , امّا التصنيفات التجريبية فقد نسبت بعضها الى السمع واسمتها فنونا سمعية وبعضها الآخر الى البصر واسمتها فنونا بصرية . ومع ذلك وبالرغم من كل هذه التصنيفات ظلّت المناداة القائلة بعدم اعطاء التقسيمات الاهتمام الزائد, مؤثرة فى الفكر الجمالى الذى سيطرت عليه تلك التقسيمات والتصنيفات وتلك الآراء الداعية الى الفصل بين الفنون , لاْنّهااى تلك التقسيمات وان سهّلت حسب رأى كروتشه( دراسة الفنون غير انّها شكّلت عوائق مصطنعة فى طريق الخلق و الابتكار ) . وهكذا تجاوزت التصنيفات الحديثة ما افرزته تلك الانماط القديمة من سلبيات , وبدأ النظر الى الفنون بوصفها عجلة ديناميكية واحدة , او اطيافا شمسية متداخلة , ومنذ توصلت مدرسة الجشطالت بأن ّ الكل ليس مجموع اجزائه, واسقطت نظرية الانماط , ومنذ تصنيف اتين سوريو الشهير اصبح التركيز على العلاقات المتشابكة بين الفنون المختلفة للفن هوالرأى السائد بدلا من التركيز على تلك الفروق والاختلافات الظاهرة , وصار من المألوف الحديث عن عناصر الزمان فى الفنون التشكيلية الموصوفة بالمكانية , وعناصر المكان فى الفنون الايقاعية الموصوفة بالزمانية .هكذا تغيّرت النظرة الى الزمان والمكان , وتنوّعت التجليات الى مالانهاية , وتعدّدت اوجه الاختلافات بتعدد اوجه الاتفاق ومع كل الاحوال امكن القول بانّ العناصر المشتركة بين الفنون جميعا تتلخّص ضمن ثلاثة شروط : ( 1) التركيب ( 2) التكامل ( 3) الايقاع . بيد انّ الحديث عن وحدة الفنون , وتراسل الحواس , لايكفيهما مجرّد المرور عبر النوعيّات المتراكمة مر الكرام , او حتى الوصول الى ابعد نقطة للمفاهيم النظرية حول عجلة سوريوالتى تصنّف الفنون داخل عجلة واحدة ,او القول مع ديوى بأنّ الفنون تمثّل اطيافا متداخلة , ولايكفيهما بالطبع ترديد قول (سيمونديس ) المأثور (ان الشعر رسم ناطق , فيما الرسم شعر صامت ) لكن ومايبقى تؤسسه الممارسة الحيّة , وترسّخه مغامرات التجريب , وتمده بأكسير الحياة والتنامى والتطور المعرفة الدقيقة بالكيفيّات , والفروق البيّنية مابين الانواع , ليس فيما بين الشعر وفن الرسم مثلا وانّما حتى بين الكيفيّات التى تخص النوع الواحد , بين الشغل بالوان الزيت ,والشغل بالوان الاكواريل على سبيل المثال لا الحصر . وحيث انّه ( لايمكن الانخراط فى الرسم الا بالرسم ), فهذه المغامرة , مغامرة الانخراط هى وحدها الكفيلة بتقديم اساس متين للاجابة على التساؤل الغامض: كيف يحلّق الشاعراذن فى فضاءات القصيدة , كى يصل الى الاثير البصرى ؟ وكيف يغوص الفنان التشكيلى فى عمق الصورة كى يكتشف لؤلؤة الشعر ؟ ومالذى يحتاجانه ليبتكرا وسائل اخرى طوبوغرافية خاصة بالمكان , ومرفو لوجية تختصّ بالبنية , وديناميكية تخصّ القوة الكامنة عبر تضاعيف الاشياء . لقد مارس هذه التجربة المثيرة فيما مضى كثير من الشعراء والادباء والفنانين بامتداد الثقافات المختلفة , وقليل منهم فى سياق الثقافة العربية ,مارسها طاغور وغوته وكوكتو وميشو ولوركا وجبران . ربما كانت هذه المقدمة ضرورية للولوج الى عالم الشعراء الاصدقاء حسن طلب / حلمى سالم / رفعت سلاّم / امجد ريّان / جمال القصاص / محمود نسيم / محمد عيد ابراهيم / أحمد زرزور / عصام ابو زيد / سعدنىالسلامونى / غادة خليفة خاصة مقارباتهم الشعرية حول تجربتى الفنية واعمالى المتواضعة. تعيدنى اشعارهم , لعلّ لو حاتى تعيدهم كذلك الى تلك الحوارات الخصبة فى الفن والحياة فى البدء حوارات مجلة اضاءة التى كنّا نقضم فيها كعكة العادات, ونمارس خلالها شهوة اصلاح الكون الفاسد , قصائد ولوحات الوهج الاولى المضادة (للزمن الموحش ) , (وفساد الامكنة) . ثم انفرطت مسبحة الكلمات اسبوعيا كل يوم احد بحديقة اتيايه القاهرة وكل يوم اربعاء فى مرسمى بحى الدقى , ظلّ الحوار موصولا , لاْن الواقع يشترط الحلم , والحلم يشترط التأمل, والتأمل يشترط الصمت , والصمت يشترط القول , والقول يشترط الفعل , والفعل يشترط الفن , والفن يشترط التحوّل من اللا شكل الى الشكل ,ومن حالة الاكتناز الى حالة العلانية . , ولانّنا لاننزل نهر الفن مرتين , ولانّ الفنّانين كهنة فى معبد واحد سنظل نعيد القراءة , لانملّ قراءة النص ولا يمل ّالنص تجديد لذته . 1 الى المفؤد بها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / حسن طلب ( كان صبيا منفلتا / كان يهيم على الغبراء ... يهيم يهيم / كأن كان يلاعب اطيارا وجنودا زرقا وملائكة / حتى لمّا ان تعب ونادته ملاعب اخرى انفلتا / كان يطير يطير / كأن كان يطارد حلمين حقيقيين / وينظر من عينين طويلا ما بكتا / ولغير نخيل القرية ما اشتكتا / كان كأن يعشق او يتعشق / واعدها عند الوقت فجاءت قبل الوقت / فواها يا عينيين بعينيين التقتا / كانت دمعة شوق فى عينيها تكبر / كانت دمعة حزن فى عينيه / ولمّا ضمهما ليل شجنى البوح تحدرتا / فسلاما ياكبدين تفتتا / وسلاما يا كبدين بنا رين اكتوتا ) 2 الغامق الموشى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / حلمى سالم( الساحر الغامق الموشى / هلّ لى / وهشا / طرّز الجراح فى صدورنا / سكينة ونقشا / كان بعض ازميله نحيلا / وبعضه اجشّا / انه وباء فتنة تفشى ) 3 وشم الظل النابض ــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / جمال القصّاص( هو الآن ......... / يشرب الشاى فى المقهى / بعد هنيهة / يصعد الغرفة الناتئة / بعد هنيهة / يطلق الوردة المفاجئة / بعد هنيهة ....... اغمض عينىّ / كى ارى الصرخة الهادئة ) 4 الحجرة ـــــــــــــــــــــ شعر / امجد ريّان ( هذه مستعمرة للجدران الناقصة / وطرقات تتلوى كالدخان / فيها آهات الخبز / أهلتها تتعجّن كالحيّات وفيها / بئر / لو يأخذ منها ماء للقنديل اضطرب بحمرته كالدم ) 5 حيث تكون الظلال كثيفة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / محمود نسيم ( أطلق لحظة من يده تلك مدائن لاتأوى الغرباء / وتلك مدائن يعبرها البدو الليبيون / وتزحف بين شوارعها / وجوه الموتى المغتربين / فخذ ظلك / وأمض الآن ـــ أمض الآن / لاغير امتداد الظلال على الحائط / و ( السكون المشمس ) / والضياء الذى يتكسّر حين يلامسه جسمك / وغموض النهايات / فامض الآن امض الآن ) 6 صارية الانخاب ــــــــــــــــــــــــــــ شعر / محمد عيد ابراهيم ( ليس من بلد / لتتقبّل رجله / فى ظهيرة / عند حيض الشمس / حاورته / عن كلى او كاندنسكى / كى يهمّ الرحيل / بنار لحيته / يكتشفها البياض ) 7 ضوضاء ــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / احمد زرزور ( لماذا تتقصّف صلوات الاستسقاء ياعمر جهان / هل لاْنّ الملائكة أبطلوا بطحالبهم / مفعول / الشيوخ ؟ / أم لانّ الشيوخ توضّأوا باسراف / من نهر الشريعة ؟ / لماذا تغضب الغابات يا عمر جهان / هل لاْنّ الحق على شاعر / لايخلع خرقته / وراء النقاد ؟ ) / 8 احتمالات ــــــــــــــــــــــــــــ شعر / أحمد مرتضى عبده ( يضيق الفتى بصداه / تطارده الخيل والرمل / والبدوى المغامر / يطارده حزنه المتآمر / وتتركه للفرار قصيدة / نمت فى الصدى / فانتحى / ظلّ لوحته العابثة ) 9 الغرفة ــــــــــــــــــــــــــــ شعر / عصام ابو زيد ( أهلّة / تابوت / دوّامة / كوابيس / انها الهيولى / ثم تنمو الحيطان كديناصور تائه / الباب / حصان يلعب مع الطحالب / النافذة / ملقاط يطارد الصراخ / من دخل ؟ / من خرج ؟ / لاأحد يعلم سرّ الغرفة / لكنهم يسمعونها كل ليلة تهذى من الحمى / عن طفولة / وعشاق / وغرفة اخرى ) 10 روحه فضلت تنعم ــــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / سعدنى السلامونى ( براويزه عبارة عن كلبشات / جوه البراويز زمن / متفرفته فيه السنوات / ماتعرفش دى ناس / ولا ازمنة ماشيه فى اللوحات / ماشيه فى حركات الوانه / اللى قايمه على الحركات / ميت حى / وحى مات / زمن جاى من بعيد / وزمن فات / وزمن على وش اللوحة عامل ايقاعات ) 11 الاربعاء ـــــــــــــــــــــــــــــــ شعر / غادة خليفة ( صرنا أنفسنا / بلا حرّاس أو آلات تعذيب / صار الوقت مشمسا / والدهشة حقيقية / عندها / بدأ الاصدقاء / فى دخول مدينتنا / مشدوهين / من كلامنا وحكايانا الكثيرة / لم أحاول ان اشرح لهم / طريقة الهواء فى الدوران / أو انتظام المحبة فى الحضور / لم اشرح عتمة البلكونة / أو ضوء البنورة الخافت الذى يشعّ من المكتبة / لم أفش اسرار / الموتيفات التى تتجول بيننا طول الوقت / لم أقل شيئا عن علاقتى بالكرسى الوحيد / أو بركن الحائط الذى يبادلنى الابتسام / فقط ذكرت / اننى هنا / أطمئن )
مقتطفات من كتاب (قصائد فى المرئى )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق